للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَالَ: أَنَاْ مِنْكِ طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيْقَهَا طُلِّقَتْ, لأنَّ على الزوجِ حَجْراً من جهتها من حيثُ أنهُ لا ينكِحُ أُخْتَها ولا أَرْبَعاً سِوَاها، وأنهُ يلزَمُهُ مُؤْنَتُهَا، فإذا أضافَ الطلاقَ إلى نفسِهِ أَمْكَنَ حملُهُ على هذا السببِ المقتضي لحِلِّ الْحَجْرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلاَقاً فَلاَ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَنْوِ إِضَافَتَهُ إِلَيْهَا فِي الأَصَحِّ, لأنَّ مَحِلَّ الطلاقِ المرأةُ دونَ الرجلِ، واللفظُ مضافٌ إليه فلا بُدَّ من نِيَّةٍ صارفةٍ تجعلُ الإضافةَ إليهِ إضافةً إليها، والثاني: يقعُ الطلاقُ؛ لأنه وجدَ لفظُ الطلاقِ وقصدُهُ فيقعُ ويحِلُّ مَحِلَّهُ، وَلَوْ قَالَ: أَنَاْ مِنْكِ بَائِنٌ، اشْتُرِطَ نِيَّةُ الطَّلاَقِ، وَفِي الإِضَافَةِ الْوَجْهَانِ, قد عَرَفْتَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: اسْتَبْرِئِي رَحِمِي مِنْكِ فَلَغْوٌ, لأنَّ اللفظَ غيرُ مُنْتَظَمٍ في نفسهِ، والكنايةُ شرطُها أنْ تحتملَ مَعْنَيَيْنِ فصاعداً وهي في بعضِ المعاني أظهرُ لهُ، وَقِيْلَ: إِنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَقَعَ، أيْ ويكونُ المعنَى استبرِئِي الرَّحِمَ التي كانَتْ لِي.

فَصْلٌ: خِطَابُ الأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ، وَتَعْلِيْقُهُ بِنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ لَغْوٌ، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: [لَا طَلاَقَ إِلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ] صححَهُ الترمذيُّ، وقال البخاريُّ: إنهُ أصحُّ شيءٍ وردَ في البابِ (٣٠)، واحتجَّ الشافعيُّ بإلحاقِ المعلَّقِ بِالْمُنَجَّزِ.


(٣٠) صحيح الترمذي الحديث في العلل الكبير: الحديث (١٧٨): ما جاء لا طلاق قبل نكاح: ج ١ ص ٤٦٥، وقال: سألت محمداً -أي ابن إسماعيل البخاري- عن هذا الحديث، فقلت: أيُّ حديث في هذا الباب أصح في الطلاق قبل النكاح؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وحديث هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن عائشة.
أما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-[لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيْمَا يَمْلِكُ؛ وَلَا عِتْقَ لَهُ فِيْمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا طَلَاقَ لَهُ فِيْمَا لَا يَمْلِكُ]. فرواه الترمذي في الجامع: كتاب الطلاق: الحديث (١١٨١)، وقال: وفي الباب عن علي ومعاذ بن جبل وجابر وابن عباس وعائشة. وقال: حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن صحيح. وهو أحسن شيء روي في هذا الباب. ورواه أبو داود في السنن: كتاب الطلاق: باب الطلاق قبل النكاح: الحديث (٢١٩٠). وابن ماجه في السنن: كتاب الطلاق: الحديث (٢٠٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>