للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغرض من الخلوة تحصيل العدالة. فعليك أن تفعل كذا وكذا. وذكر ما بدا له من النصائح ثم أرسل إليه ألفي دينار فلم يقبل، ولما خرج السلطان محمد خان قال لابن ولي الدين: ما قام الشيخ لي وأظهر التأثر عن ذلك. قال: إنه شَاهد فيكم من الغرور بسبب هذا الفتح الذي لم يتيسر للسلاطين العظام وإن الشيخ مربٍّ فأراد بذلك أن يدفع عنكم.

تعيين الشيخ آق شمس الدين قدس سره محل قبر أبي أيوب -رضي الله عنه- ثم إنه التمس منه أن يعين موضع قبر أبي أيوب الأنصاري. وكان يرى في كتب التواريخ أن قبره بموضع قريب من سور قسطنطينية. فجاء وقال: إنِّي أشاهد في هذا الموضع نورًا لعل قبره هناك فجاء إليه فتوجه زمانًا ثم قال: التقيت مع روحه وهنَّأني بالفتح وقال: شكر الله سعيكم خلّصتموني عن ظلمة الكفرة، فقال السلطان: إنِّي أصدقكم ولكن ألتمس منكم أن يعين لي علامة أراها [بعيني ويطمئن بذلك قلبي] فتوجه ساعة ثم قال: احفروا هذا الموضع من جانب الرأس من القبر مقدار ذراعين، يظهر رخام عليها خطّ عبراني [تفسيره هذا وقرر الكلام] ولما حفروا [مقدار ذراعين] ظهر ما قال فأمر ببناء القبر والجامع.

وذكر فيه أن الشيخ وفاء (١) كان حنفي المذهب إلا أنه كان يجهر بالبسملة في [الصلاة] الجهرية ويجلس فيها للاستراحة فأنكر عليه العلماء بناءً على أنه لا يصحُّ خلط المذاهب فأجاب عنهم المولى سنان باشا وقال: لعله أدّى إلى ذلك اجتهاده في المسألتين. وقالوا: هل يمكن منه الاجتهاد؟ فقال: نعم أنا أشهد بأن شرائط الاجتهاد موجودة فيه فقبلوا شهادته ولم يتعرضوا له. انتهى. لكن هذا مبني على أنه لم ينفرض ومن الاجتهاد كما ذهب إليه البعض والمختار أنه منفرض لئلا يؤدي إلى الفساد بادعاء بعض أهل الأهواء اجتهادًا ليتوصل إلى هدم بعض الشرائع، هذا حاصل ما في "الخلاصة".

وذكر في "الشقائق" أن الفاضل المولى محيي الدين المعروف بشيخ زاده المحشّي (٢) كان يقول: إذا أشكل علي آية من آيات القرآن أتوجه إلى الله فيتسع صدري حتى يكون قدر الدنيا، ويطلع فيه قمران، لا أدري أنهما أي شيء ثم يظهر نور فيكون دليلًا إلى اللوح المحفوظ فأستخرج (٣) منه معنى الآية. وقال: وإذا عملت بالعزيمة لا أريد النَّوم إلا وأنا راقد في الجنة وإذا عملت بالرخصة لا يحصل لي هذه الحال انتهى.


(١) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٤٩٧٤.
(٢) ترجمته في "الشقائق النعمانية" (٤٠٩) طبع إستانبول و (٢٤٥) طبع بيروت، وفي القسم الأول برقم ٤٦٧١.
(٣) في الأصل: "وأستخرج" وما أثبتناه من "الشقائق النعمانية" بطبعتيه وهو أصح لسياق النص.

<<  <  ج: ص:  >  >>