للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخه ودُفن العلاَّمة الشِّيرازي عند قَدم البيضاوي، وأوصى بأن يكتب على قبره {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} الآية (١).

وذكر أن عيسى بن أَبان (٢) قاضي البصرة لما ولّي اختصم إليه مسلمٌ ويهوديٌ فوقع اليمين على المسلم فقال له القاضي: قل والله الذي لا إله إلا هو، فقال اليهودي: حلِّفه بالخالق لا بالمخلوق لأن لا إله إلا هو في القرآن وأنتم تزعمون أنه مخلوق فتحيَّر عيسى عند ذلك.

مناقب المشايخ: ذكر في "الشقائق" (٣) أن السلطان محمد خان لما أراد فتح قسطنطينية، أرسل أحمد بأس ابن ولي الدين (٤) إلى الشيخ آق شمس الدين (٥) يدعوه للجهاد، ودعا أيضًا الشيخ آق بيق (٦) المجذوب، فقال له آق شمس الدين: سيدخل المسلمون القلعه من المواضع الفلانية في اليوم الفلاني وقت الضحوة "الكبرى" وأنت تكون حينئذ (٧) عند السلطان. فجاء ذلك الوقت ولم تفتح (٨) القلعة. قال: فذهبت إليه وهو في خيمته وواحد من خدامه واقفٌ على الباب ومنعني من الدخول لأنه أوصاه أن لا يدخل عليه أحد، فرفعت طِنَاب (٩) الخيمة فإذا هو ساجد على التُّراب ورأسه مكشوف، وهو يتضرع ويبكي، فما رفع رأسه إلا قام على رجله وكبّر فقال: الحمد دله، منحنا الله فتح القلعة. قال: فنظرت إلى جانب القلعة فإذا العسكر قد دخلوا بأجمعهم ففتح الله ببركة دعائه. ولما دخل السلطان محمد خان إلى خدمة الشيخ نظر جانبه فإذا ابن ولي الدين فقال: هذا ما أخبر به الشيخ وقال: ما فرحت بهذا الفتح وإنما فرحي من وجود مثل هذا الرجل في زماني، ثم بعد يوم جاء السلطان محمد خان إليه والشيخ مضطجع فلم يقم له فَقَبَّل السلطان يده وقال: جئتك لحاجة. قال: ما هي؟ قال أن أدخل الخلوة عندك أيامًا. قال الشيخ: لا، فأصر عليه مرارًا وهو يقول: لا. فغضب السلطان محمد خان وقال: إن واحدًا من الأتراك يجيء إليك وتدخله الخلوة بكلمة واحدة، قال الشيخ: إنك إذا دخلت الخلوة تجد هناك لذةً تُسقط (١٠) السلطنة عن عينك وتختل أمورها، فيمقت الله إيّانا.


(١) سورة الكهف: الآية (١٨).
(٢) ترجمته في "الجواهر المضية" (٢/ ٦٧٨) و"الأعلام" (٥/ ١٠٠)، وفي القسم الأول برقم ٣٤٤٦.
(٣) انظر "الشقائق النعمانية" (٢٢٨) طبع إستانبول و (١٣٨) طبع بيروت وما بين الحاصرتين تكملة منه.
(٤) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٣٢٧.
(٥) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٤٠٧٦.
(٦) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٩٧٤.
(٧) مكانها في الأصل حرف (ح) وأثبتناها من "الشقائق النعمانية" بطبعتيه.
(٨) في الأصل: "ولم يفتح" وما أثبتناه تقتضيه صحة السياق.
(٩) يعني حبل الخيمة. انظر "القاموس المحيط" (طنب).
(١٠) في الأصل: "سقط" وما أثبتناه من "الشقائق النعمانية" بطبعتيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>