للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسه فشرع ينعر ويصعق إلى أن مضى من النهار ثلثه. فلما سكن اضطرابه، قال له الشيخ: لأيّ شيء اضطربت وقلت: إنه منكر؟ فقال المولى: تبت إلى الله عن ذلك الإنكار.

ومنهم البرهان البِقَاعي (١). قال السخاوي في "الضوء اللامع": تعدى في تراجم الناس وزاد على الحدّ، خصوصًا في كتابه "عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والأقران" وتلخيصه المسمى "عنوان العنوان" وناقض نفسه في كثيرين فإنه كان ترجمهم أولا ببعض ما يليق بهم، ثم صار بعد مخالفتهم له في أغراضه يزيد في تراجمهم أو يغيّر ما كان أثبته أولا كما فعل مع الأمين الأقصرائي وغيره. ولتناقضه الناشئ عن أغراضه كان كلامه في المدح والقدح غير مقبول عند المتقنين. ولما علم مقت الناس وإسماعهم إيَّاه كل مكروه من تكفير فما دونه، توجه إلى دمشق فناظره أهلها وعاداه أصدقاؤه لمعارضته في حُجَّة الإسلام (٢) بالحطِّ عليه وقال: إن قوله: ليس في الإمكان أبدع مما كان، كلام أهل الوحدة (٣) من الفلاسفة. وكذا حطَّ على التاج بن عطا الله (٤). وصرح عن نفسه بأنه يبغض ابن تَيمِية لما كان يخالف فيه من المسائل وتحرك الناس عليه فاستمر يُكابد حتى مات. وكان قد اعتمد الحَرَائِي (٥) في "تفسيره" مع كونه كما قال الذهبي فلسفي التصوف. وكفر ابن الفارض ولا فائدة في تكفيره وإنما الفائدة في التّنفير من مقاله. انتهى.

ومنهم شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي المذكور (٦)، وكان من المتحاملين على أكثر أبناء عصره والمتعصبين عليهم في إظهار المساوئ وإخفاء المحاسن، سامحه الله.

ومن ذلك قولهم في الإمام الغزالي ما ذكره يطول ولهذا قال في "منهاج العابدين": ولقد صنَّفنا كتبًا احتوت على دقائق من العلوم، اعتاصت عن أفهام العامة فقد حوى فيها وتكلموا


(١) واسمه (إبراهيم بن عمر بن حسن الرُّبَاط البقاعي) انظر ترجمته في "الضوء اللامع" (١/ ١٠١ - ١١١) و"القبس الحاوي لغرر ضوء السخاوي" (١/ ٧٦ - ٧٧) و"شذرات الذهب" (٩/ ٥٠٩ - ٥١٠)، وفي القسم الأول برقم ٦٨.
(٢) يعني الإمام الغزالي.
(٣) أي وحدة الوجود. انظر "الموسوعة الثقافية" (١٠٥١).
(٤) واسمه (أحمد بن محمد بن عبد الكريم الإسكندري الشاذلي تاج الدين) انظر ترجمته في "شذرات الذهب" (٨/ ٣٦ - ٣٨) و"طبقات الشافعية الكبرى" (٩/ ٢٣) و"الأعلام" (١/ ٢٢١)، وفي القسم الأول برقم ٥٩٨.
(٥) واسمه (علي بن أحمد بن الحسن) انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (٢٣/ ٧٣ - ٧٤) و"شذرات الذهب" (٧/ ٣٣١) و"الإعلام بوفيات الأعلام" (٢٦٥) وقد تحرفت "الحَرَالّي" فيها جميعًا إلى"الحراني" فلتصحح، وفي القسم الأول برقم ٢٩٦٣.
(٦) واسمه (محمد بن عبد الرحمن بن محمد). انظر ترجمته في "النور السَّافر" (٤٠ - ٤٧) و"شذرات الذهب" (١٠/ ٢٣ - ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>