للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر المنتقدين: على الشيوخ وهو ليس بممدوح فيما بينهم، قالوا: وكان جماعة من الحُفاظ متصدّين للانتقاد والطلبة تسمع وتكتب بانتخابهم، منهم إبراهيم بن أُورمة الأصفهاني (١) [و] أبو عبد الله الحصين بن محمد المعروف بعبيد العجلي (٢).

وقد جرت العادة الإلهية مع كل مدعٍ يطعن علي من تقدم ويزعم أنه أعطي من الذكاء والفهم مالا يصل المتقدمون إليه أن يُقَيِّضَ الله من يظهر عجزه ويبيّن للنَّاس قصوره. ومن ذلك ما ذكر في "الشقائق" في ترجمة المولى عبد القادر (٣) معلم السلطان محمد خان، أنه كان يمدح [نفسه] عنده يومًا بأن العلامة السيد والسعد لو كانا حيين لحملا قدامة غاشيته فاشمأز خاطر السلطان من هذا الكلام فأمره بالبحث [أي المناظرة] مع المولى خواجه زاده فاجتمعا عنده وأفحمه المولى خواجه زاده فعزله.

وذكر في "الشقائق" أن المولى علي الجمالي (٤) لما صار مفتيا من الصحن ومدرّسًا بمدرسة السلطان بايزيد حسده على ذلك المولى سيدي الحميدي (٥)، وجمع بعض فتاواه وقال: إنه أخطأ فيها وأرسلها إلى الديوان وأرسلها الوزراء إلى المولى المذكور فكتب أجوبتها وأرسلها أيضًا إلى الديوان فقال: إنِّي حين ما نزلت من الغرفة حصل لي جذبة [و] لم يبق بيني وبين الحق سبحانه وتعالى حجاب وفوضت أمر المولى سيدي إلى الحق تعالى فلم يَمُرّ عليه أسبوع إلاّ وقد مات المولى سيدي.

وفي "الشقائق" أن الشيخ سَوِنْدِك الشهير بقوغه جي دده (٦) اجتمع مع المولى الكرماستي القاضي بقسطنطينية عند المفتي حميد الدين بن أفضل الدين (٧) فشكى المولى الكرماستي (٨) عن متصوفة زمانه بأنهم يرقصون ويُصَفِّقُونَ [ويصعقون] عند الذكره فقال المفتي: إن رئيسهم هذا الشيخ إن أصلحته صلح الكُلُّ. فقام المولى وأخذ معه الشيخ إلى منزله وأحضر مريديه وهيأ لهم الطعام. وبعد الفراغ قال: اجلسوا واذكروا الله على أدبٍ ووقارٍ فقالوا: نفعل. فلما شرعوا في الذِّكر صاح الشيخ في أذن المولى صيحةً عظيمةً حتى قام وسقطت عمامته عن


(١) ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ١٤٥) و"شذرات الذهب" (٣/ ٢٨٤).
(٢) كذا في الأصل و"النجوم الزاهرة" (٣/ ١٦١): "عبيد العجلي" وفي "طبقات الحفاظ" ص (٢٩٣) و"شذرات الذهب" (٣/ ٣٩٧): "عُبيد العجل" دون ياء في آخر نسبته.
(٣) انظر "الشقائق النعمانية" (١٧٩ - ١٨٠) طبع إستانبول و (١١٠) طبع بيروت.
(٤) واسمه الكامل (علي بن أحمد بن محمد الجمالي) انظر ترجمته في "الشقائق النعمانية" (٢٨٦ - ٢٩٠) طبع إستانبول و (١٧٣ - ١٧٦) طبع بيروت وما بين الحاصرتين تكملة منه، وفي القسم الأول برقم ٢٩٧٧.
(٥) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٢٠١٢.
(٦) انظر "الشقائق النعمانية" (٣٦٦ - ٣٦٧) طبع إستانبول و (٢٢١) طبع بيروت، وما بين الحاصرتين تكملة منه.
(٧) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ١٥٧٩.
(٨) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٥٤٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>