للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منتزع من النصِّ وحده والآخر تأكيد فلم يلتفت. وتصدى غيره فما التفت، فتحجج مولانا سعد الدين بتصانيفه فقلت: قد وصل إلينا واحد من ذلك، وقد أخطأت في موضع منه نطلب الكتاب فلما فتحنا وجدنا هذا البيت فقال: أيدهم آخره فقلت خالفت في هذا الموضع صاحب "الكشاف" ولم يلتفت وحرك رأسه فقال واحد من الأكابر: اترك البحث إلى مجلس آخر، فتركنا.

قال المولى ابن الجنان رأيت في "تاريخ فارسي" لبعض أهالي هراة أنه لما اجتمع بمجلس تيمور للمناظرة طلب السيد أن لا يتكلم أحد غيرهما. وكان سعد الدين له تلامذة كثر (١) فضلاء فقبل تيمور شرطه وأمر به فلما أمعنا في المناظرة وكان في الاستعارة التمثيلية على ما هو المشهور، لم يصبر مولانا يوسف الأوبهي (٢) وتكلم فقال الفاضل الشريف لتيمور: ما كان هذا أمر الأمير ولا شرط الفقير فغضب تيمور على الأوبهي فأخرجه من المجلس بعنف وإزعاج فلما مضى عليه سويعة ذكر الشيخ سعد الدين فضائل الأوبهي وأثنى عليه فمدحه فرضي عنه وأمر بردّه إلى المجلس بالإكرام. انتهى

حكاية وضع الطالب عما يؤول إليه حاله: ذكر صاحب "الشقائق" (٣) في ترجمة الفَنَاري أن المولى المذكور والمولى أحمدي والمولى حاجي باشا كانوا شركاء الدرس عند الشيخ أكمل الدين (٤)، فزاروا يوماً رجلاً من أولياء الله تعالى، فنظر إليهم ذلك الرجل فقال لمولانا أحمدي: إنك سَتُضَيعُّ عمرك (٥) في الشعر. وقال للمولى الفناري: إنك ستجمع بين رئاستي الدنيا والدِّين. وكان كما قال، لأن المولى أحمدي صحب الأمير كرميان واشتغل لأجله بالنظم، والمولى حاجي عرض له مرض فاضطره إلى الاشتغال بالطب والمولى الفناري نال من العلم والفضل غاية الآمال.

وذكر في ترجمة حسن باشا (٦) أنه كان شريكاً مع المولى الفناري عند الجمال الأقسرائي فنظر إليهما يوماً في حجرات الطلبة خفيةً فرأى المولى حسن باشا متكئاً ينظر في الكتاب ورأى الفناري جالساً على ركبته يطالع الكتب والحواشي عليها فقال في حقِّ الأول: إنه لا


(١) في الأصل: "كثيرة" وما أثبتناه أصح للسياق.
(٢) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٥٥٠٦.
(٣) انظر "الشقائق النعمانية" (٢١) طبع بيروت و (٣٠٩) طبع إستانبول، وما بين الحاصرتين تكملة منه.
(٤) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٤٦٣٥.
(٥) كذا في الأصل: "ستضيع عمرك" وفي "الشقائق النعمانية" بطبعتيه: "ستضيع وقتك".
(٦) انظر "الشقائق النعمانية" (٣٢) طبع إستانبول و (٢٣) طبع بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>