للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصب يجب عليه رعاية الأدب ولا يكفيه مجرد العلم، فعزم هو على الذهاب إلى العجم فمنعه أمين الساحل، فأعيد إلى المدرسة. كذا ذكره ابن لطفي بك في "هامش الشقائق".

وذكروا في ترجمة أبي معاوية محمد بن خازم الضَّرير (١) أن هرون الرشيد يبجله وشممع منه الحديث. قال أبو معاوية: أكلت مع الرشيد يوماً: ثم صَبً على يديَّ الماء رجل لا أعرفه، ثم قال الرشيد: أتدري من [كان] يَصُبُّ عليك؟ قلت: لا. قال: أنا إجلالاً للعلم. ذكره تقي الدين.

ملاقاة السيِّد والسَّعد في مجلس الأمير تيمور: ذكر صاحب "الشقائق" (٢) أن الأمير تيمور لما قدم شيراز أمر بنهبها وإغارتها فسأل بعض من وزرائه الأمان للسيد الشريف فأُعطي الأمان لذلك فنجت بنات أهالي شيراز ونساؤهم في بيت السيد الشريف. ثم إن الوزير المذكور لما أثبت الحقّ على السَّيد التمس منه أن يذهب معه إلى ما وراء النهر فأجابه لذلك. وهذا قوله في خطبة "شرح المفتاح" حتى ابتليت في آخر العمر بالارتحال إلى ما وراء النهر. واجتمع السيد هناك مع العلاَّمة سعد الدين في مجلس الأمير فأمر الأمير بتقديم العلاّمة الشريف على العلامة التفتازاني وقال: لو فرضنا انكما سيان في الفضل فله شرف النَّسب ثم وقع مباحثتهما عنده وكان الحكم بينهما نعمان الدين الخوارزمي المعتزلي فرجَّح هو كلام السيد الشريف على كلام العلامة التفتازاني فاغتم لذلك سعد الدين وحزن حزناً شديداً، فما لبث حتى مات. انتهى. ويقال إن السُّيد رحل إلى سمرقند ليأخذ عنه، فقال له بعض الرؤساء أنت مثله .. فكيف تأخذ عنه؟ ولكن أنا أجمعك في مجلس السلطان فناظره ففعل، وظهر السيد عليه أيضاً لفصاحته وطلاقة لسانه. وكان لسان السيد أفصح من قلمه والتفتازاني بالعكس والأفاضل في التفضيل بينه وبين التفتازاني على قسمين والاكثر في جانب السعد. ويقال: إنه جاء إلى السعد في مرض موته واستعطفه وقَبَّل يده وقال له: أنت شيخي بالمعنى لأني ما استفدت العلم إلاّ من تصانيفك. كذا ذكره السخاوي وغيره. وكان المولى خواجه زاده يقول ما نظرت غير تأليف السيد والسعد بنية الاستفادة منذ كذا ...

ثم إن الشيخ شمس الدين محمد بن محمد الجزري (٣) لما ذهب به الأمير تيمور إلى ماوراء النهر اتخذ الأمير هناك وليمةً عظيمةً وكان السيد الجُرجاني مدرّساً في ذلك الوقت


(١) واسمه (محمد بن حازم الباهلي الكوفي) وكان ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش وقد يهم في حديث غيره. انظر ترجمته في "توضيح المشتبه" (٣/ ١٨) و"تحرير تقريب التهذيب" (٣/ ٢٣٤) و"الجواهر المضية" (٣/ ١٥٠)، وفي القسم الأول برقم ٤٠٧٧.
(٢) انظر "الشقائق النعمانية" (٣٠) طبع بيروت و (٤٤) طبع إستانبول.
(٣) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٤٥٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>