للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالدُّفِّ والطبلخانات (١) وسارت بين يديه القُضاة والعُلماء وأجازه السلطان عليها اثني عشر ألف دينار وقد ذكره في "تاريخه" كما مَرَّ في ترجمته. ولما مات جمال الدين استقرَّ مكانه صاحب "القاموس" (٢) وأَلَّف له أيضاً كتابأ وأهداه إليه بالطبق فردَّ الطبق مملوءًا بالذهب.

وحكى في "الشقائق" (٣) أن السلطان محمد خان لما بنى المدارس الثمانِ وعين واحدةً منها لعلي الطُّوسي وفي بعض الأيام أتى تلك المدرسة وأمر بعض الطلبة أن يُحضر المولى الطُّوسي فحضر فأمره بأن يدرس عنده، وأن يجلس في مكانه المعتاد، فجلس المولى وجلس السلطان محمد خان في ضلعه الأيمن، والوزير محمود باشا معه، فأحضر الطلبة فقرأوا عليه "حواشي شرح العضد" للسيد الشريف فانبسط المولى لحضور السلطان في مجلسه وحَلّ من المشكلات والدقائق ما لا يحصى ونشر من العلوم والمعارف ما لم تسمعه الآذان فطرب السلطان محمد خان حتى يروى أنه قام وقعد من شدة طربه فأمر للمولى المذكور عشرة آلاف درهم وخِلْعَةً سَنية وأعطى كُلاً من طلبته خمسمائة درهم. [و] روي أن المولى القسطلاني كان من الطلبة الحاضرين عنده فأعجبه السلطان وأمر بكونه ملازماً. [و] يروى أنه كتب ملازمته بيده وكان المولى المذكور يفتخر به على أقرانه ثم إن السلطان ذهب والمولى الطُّوسي معه إلى مدرسة المولى عبد الكريم ولم يتجاسر هو أن يدرس عند المولى المذكور فعابه السلطان على ذلك ثم إنه مَرَّ في بعض الأيام على مدرسة المولى خواجه زاده (٤) فتهيأ هو للدرس فسلم عليه السلطان ولم يدخل المدرسة وأوصاه بالاشتغال وذهب وكان دأبه أن يتحمل استغناء العلماء ولم يتوقع منهم شيئاً من التعظيم والتلطيف بحيث كانوا يتكلمون في مجلسه ما لا يمكن تفوهه. ولما جلس السلطان بايزيد وضع مجلساً لمباحثة العلماء و [لما] شرعوا في المباحثة صدر منهم كلمات غير مرضية فتكدر خاطره ولم يلتفت إلى وضع مجلس العلم بعده، فاستمر الأمر [على ما كان] عليه.

روي أن المولى خطيب زاده (٥) كثيراً ما [كان] يتفق الغلبة من قِبله في مجلس السلطان محمد خان فحصل له [أي للسلطان] غبطة ومال إلى جانب الاشتغال فسأل عنه: إن اشتغلتُ بالعلم ففي أي مدة أرقى إلى مرتبتك فأجاب بأنه أمر عسير، لا سيما مع مشغلة السلطنة، ولتوقفه على ذكاء شديد، فثقل هذا الكلام عليه [أي على السلطان] فعزله وعلَّل فيه بأن أهل


(١) الطلبخانات: المراد بها ما نسميه في عصرنا موسيقا الجيش، انظر "معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي (١٠٦).
(٢) يعني "القاموس المحيط" لمحمد بن يعقوب الفيروزابادي، مات سنة (٨١٧ هـ).
(٣) انظر "الشقائق النعمانية" (٦٠) طبع بيروت و (٩٧ - ٩٨) طبع إستانبول.
(٤) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٤٩٩٠.
(٥) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٣٩٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>