للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[له] حَمَّاد: ثبت عن النبي -عليه السلام-[أنه] قال: "إن العَالِم إذا أراد بعلمه وجه الله تعالى هابه كل شيئٍ وإذا أراد أن يكنز به الكنوز، هاب من كل شيئ" (١)، ثم سأل ما سأل (٢). ذكره صاحب "نوادر الأخبار".

رغبة الملوك للعلم ترغيباً: ذكر ابن خلِّكان (٣) أن الملك المعظم عيسى قد شرط لكل من يحفظ المُفَصَّل (٤) مائة دينار وخِلْعَة، فحفظه لهذا السبب جماعة (٥). وكان أمر الفقهاء أن يجرّدوا له مذهب أبي حنيفة دون صاحبه فجردوه (٦) له في عشرة مجلدات وسماه "التذكره" (٧) وكان لا يفارقه سفراً ولا حضراً ويديم مطالعته.

ومن ذلك ما نُقل عن الملك الأشرف إسمعيل بن العباس، صاحب اليمن (٨)، من بني رسول، المتوفى سنة ٨٠٣، وكان عالماً فاضلاً له "تاريخ اليمن " أن القاضي جمال الدين الرِّيمي (٩)، حمل إليه تأليفه المسمى بـ"التفقيه في شرح التنبيه" (١٠) في أربعة وعشرين مجلداً


(١) ذكره المتقي الهندي في "كنز العمال" (١٦/ ٦٢٩ - ٦٣٠) وعزاه لابن عساكر وابن النجار من حديث أنس بن مالك.
(٢) وكان سؤاله كما في "كنز العمال": "ما تقول يرحمك الله في رجل له ابنان، هو عن أحدهما راضٍ، فأراد أن يجعل ثلثي ماله في حياته لذلك الغلام؟ فقال: مهلاً رحمك الله، لأني سمعت ثابتاً البناني يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أراد الله أن يعذب غنياً على غناه وفقه عند موته بوصية جائرة، فلا يقوم بأمره".
وعند ابن منظور سياق آخر للقصة في "مختصر تاريخ دمشق" (٢٢/ ٢٠١ - ٢٠٢) وقد جاء في آخرها ما نصه: "قال يعني محمد بن سليمان. فحاجة إليك. قال: هات إن لم تكن رزية في دينٍ. قال: أربعين ألف درهم تأخذها تستعين بها على ما أنت عليه. قال: ارددها على من ظلمته بها. قال: والله ما أعطيك إلا ما ورثته. قال: لا حاجة لي فيها، ازوها. أي اصرفها. عني زوى الله عنك أوزارك. قال: فغير هذا. قال هات ما لم تكن رزيّة في دين. قال: تأخذها تقسمها. قال: فلعلي إن عدلت في قسمها أن يقول بعض من لم يرزق منها: إنه لم يعدل في قسمتها، فيأثم، ازوها عني زوى الله عنك أوزارك".
(٣) انظر "وفيات الأعيان" (٤/ ٤٩٥) وما بين الحاصرتين تكملة منه.
(٤) المُفَصَّل: هو في القرآن الكريم من سورة {ق} إلى سورة {الناس}. انظر التعليق على كتاب "النصيحة في الأدعية الصحيحة" للحافظ عبد الغني المقدسي ص (٨٦) بتحقيق (النشرة الثانية) طبع مؤسسة الرسالة ببيروت.
(٥) وتتمة الخبر عند ابن خلِّكان في "وفيات الأعيان": "ورأيت بعضهم بدمشق، والناس يقولون: إن سبب حفظهم له كان هذا، وقيل: إنه لما توفي كان قد انتهى بعضهم إلى أواخره، وبعضهم في أثنائه، وهم على قدر أوقات شروعهم فيه، ولم أسمع بمثل هذه المنقبة لغيره".
(٦) في الأصل: "فجردو"وما أثبتناه أصح للسياق.
(٧) انظر بشأن وصفه "كشف الظنون" (١/ ٣٩٣).
(٨) ترجمته في "الضوء اللامع" (٢/ ٢٩٩) و"شذرات الذهب" (٩/ ٤٥) و"غاية الأماني في أخبار القطر اليماني" (٢/ ٥٠٨).
(٩) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٤١٦٨.
(١٠) وقال الزركلي في "الأعلام" (١/ ٣١٦ - ٣١٧): "وألَّف كتباً، كانت طريقته فيها أن يختار الموضوع ويجمع مادته أو بعضها، ثم يأمر من يتمه ويعرضه عليه، فما ارتضاه أثبته وما أباه حذفه وما وجده ناقصاً أكمله".

<<  <  ج: ص:  >  >>