القسم الثاني: عندهم علم بالقرآن والسنة - في الجملة - وعندهم مقدرة على تبصير الناس وتعليمهم وتتبع الأحداث التي تنزل بهم وما يعانونه من مشكلات، وبيان أسبابها وآثارها، والمخارج من مضايقها، ولكنهم - مع قدرتهم تلك - قد باعوا أنفسهم لأعداء الحق، ونصبوا أنفسهم أبواقا لباطلهم، وكثير منهم من ذوي التقعر في الكلام والتفيهق فيه، تسمعهم يوم الجمعة وهم يجلجلون بأصوات مرتفعة في مكبرات الصوت على منابر جوامع كبيرة في غالب البلدان الإسلامية من شرق الدنيا إلى غربها، تنقل خطبهم في أجهزة الإعلام - المذياع والتلفاز وتنشرها الصحف والمجلات - الموالية لأهل الباطل، وإذا أصغى المصلون الذين ألزمهم الله حضور تلك الخطب وسماعها، إذا أصغوا إلى تلك الخطب، وجدوا أغلبها بعيدة كل البعد عن الموضوعات التي تهمهم في حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والتعليمية والإعلامية وغيرها، أو أنها تؤيد الأوضاع الفاسدة في كل تلك المجالات، وتثني على صانعي الفساد من أهل الباطل، وتحرض على أهل الحق وتصفهم بأوصاف منفرة كاذبة جائرة، كل ذلك يقصد به تضليل عقول الناس واستغفالها وقلب الحقائق عليها.