للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

برد مُحَبّر في (١) صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد، فلما فرغ منه وأحكمه انطلق عامدًا إلى جماعة من (٢) الإنس.

فبينا هو يسير إذ دفع إلى أمة صالحة يهدون بالحق وبه يعدلون، فوجد أمة مقسطة مقتصدة يقتسمون بالسوية ويحكمون بالعدل ويتراحمون، حالتهم واحدة، وكلمتهم واحدة، وأخلاقهم مشتبهة، وطريقتهم (٣) مستقيمة، وقلوبهم متآلفة، وسيرتهم مستوية، وقبورهم بأبواب بيوتهم، وليس على بيوتهم أبواب، وليس عليهم أمراء، وليس بينهم قضاة، وليس بينهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف، ولا يختلفون، ولا يتفاضلون، ولا يتنازعون، ولا يستبون، ولا يقتتلون، ولا يقحطون، ولا يحردون (٤)، ولا تصيبهم الآفات التي تصيب الناس، وهم أطول الناس أعمارًا (٥)، وليس فيهم مسكين ولا فقير ولا فظ ولا غليظ، فلما رأى ذلك ذو القرنين من أمرهم عجيب منهم، وقال: أخبروني أيها القوم، فإني قد أحصيت الأرض كلها بحرها وبرها، وشرقها وغربها ونورها وظلمتها، فلم أر أحدًا مثلكم، فخبِّروني خبركم؟ قالوا: نعم، فاسألنا عما تريد.


(١) في (ب): من.
(٢) سقطت من (ز).
(٣) في (ب): وطريقهم، وفي (ز): وطرائقهم.
(٤) في (ب): ولا يحزنون، ومن معاني الحرد: الغضب، والغيظ، والمنع.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٣/ ١٤٥ (حرد).
(٥) في الأصل و (ب): أعمالًا، والمثبت من (ز)، وكذا في الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>