مسألة: فإن قيل: فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ذم الصور وعملها في "الصحيح": "من صور صورة عذبه الله حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ" وفي رواية: "الذين يشبهون بخلق الله"؛ فعلل بغير ما زعمتم. قلنا: نهى عن الصورة، وذكر علة التشبيه بخلق الله، وفيها زيادة علة من دون الله، فنبه على أن نفس عملها معصية، فما ظنك بعبادتها، وقد ورد في كتب التفسير شأن يغوث ويعوق ونسرا، وأنهم كانوا أناسا، ثمَّ صوروا بعد موتهم وعبدوا. مسألة: فعلى هذا التأويل إن قلنا: إن شريعة من قبلنا لا تلزمنا فليس ينقل عن ذلك حكم. وإن قلنا: إن شرع من قبلنا شرع لنا فيكون نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصور نسخا. وإن قلنا: إن الذي كان يصنع له الصور المباحة من غير الحيوان وصورته فشرعنا وشرعه واحد. وإن قلنا: إن الذي حرم عليه ما كان شخصا لا ما كان رقما في ثوب، فقد وردت الأحاديث في ذلك، فقد روي عن ابن مسعود، وابن عباس أن أصحاب الصور يعذبون، أو هم أشد الناس عذابا، وهذا عام في كل صورة، وروي عن أبي طلحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة" زاد زيد بن خالد الجهني: "إلا ما كان رقما في ثوب"، وفي رواية عن أبي طلحة نحوه، فقلت لعائشة: هل سمعت هذا؟ فقالت: لا؛ وسأحدثكم؛ خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فأخذت نمطا فنشرته على الباب، فلما قدم ورأى النمط عرفت الكراهة في وجهه، فجذبه حتى هتكه، وقال: "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين". قالت: فقطعت منه وسادتين وحشوتهما ليفا فلم يعب ذلك علي. وقالت عائشة: كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حولي هذا فإني كلما رأيته ذكرت الدنيا" وروي عن عائشة قالت: دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا متسترة بقرام فيه صورة فتلون وجهه ثمَّ تناول الستر فهتكه، ثمَّ =