للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المخالفين فذكر له خلاف ابن المواز وابن حبيب مع موضعها من العلم وتصنيفهما فيه الكتب التي ما سبقا إلى مثلها فقالوا: ما سمعنا بها ولا القوم ولا عرفنا في الفقهاء من يسمي بهذا الاسم أفترى أن هؤلاء القوم لا نعلم أنهم كانوا موجودين علمًا ضروريًا لا يخالفنا فيه شك ولا ريب على حد ما نعلم وجود مالك وأبي حنيفة والشافعي، ولكن قلة المخالطة والنظر في كتب المخالفين وسماع الأخبار بجلب هذا، ولسنا نخصكم بذلك، بل علينا مثله فيما نقل فيه مخالطتنا وسماع أخبار الناقلين له، فحصل من هذه الجملة أنه ليس كل ما علمه بعض الناس متواتر الأخبار مما يحتاج إلى حرف من العناية والبحث، ومطالعة الأخبار، ومخالطة الناقلين؛ فيجب أن يعلمه من لم يشاركه في ذلك.

ويقال لأصحاب الشافعي خاصة: ألستم تحتجون على أبي حنيفة بالنقل المتواتر في الصاع والمد؟ أيمكنكم إذا جاء بكم أصحابه بمثل ما اعترضوا علينا به من أن ذلك لو كان متواترًا لعلموه كما علمتموه أن تجيبونهم إلا بمثل ما أجبناكم به؟؛ فاعلموا أنكم إذا اعترضتم بمثله علينا فإن اعتراضكم عائد عليكم؛ فجوابه يسقط عنا.

وأما قولهم لو كان ذلك معلومًا ضرورة لم يحسن الخلاف فيه: فدعوى؛ لأن ذلك غير ممتنع فيما يحتاج إلى مخالطة وبحث؛ على ما ذكرناه في كثير من الأخبار. ولأن كثير من أهل الأصول يتقول وقوع العلم الضروري بمخبر خبر المتواتر ويحسن مناظرته عليه؛ ويبين ذلك أنه قد لا يحسن الخلاف في جملة خبر مقبول ويحسن الخلاف في تفصيله؛ ألا ترى أن "الموطأ" لمالك "والكتاب" لسيبويه معلوم في الجملة لا يحسن الخلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>