للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ويوضح هذا أن مدعيًا لو ادعى أن هاهنا خبر واحد لم يسمع هؤلاء الذين ذكرناهم به على مر الأعصار إلى هذا الوقت، ولا أحد منهم، ولا من أصحابهم لقدحت دعواهم مع كونه نقله أخفى وأقل ظهورًا وانتشارًا؛ فادعاؤه ذلك في النقل المتواتر أبعد.

قلنا: أما قولكم أن ذلك لو كان على ما زعمناه لوجب أن يعلموه على حد ما علمناه، ولكن خفي عليكم؛ لقلة العناية به؛ لأن العلم لمخبر الخبر المتواتر يحتاج إلى مخالطة أهل الأخبار والناقلين لها ومكاثرتهم العلم به ابتداء من أول وهلة؛ ألا ترى أن كثير نقل الدين قد خفي على من لم يدخل فيه وعلى عوام الناس لقلة مخالطتهم.

فإن قالوا: فهب هذا على العامة ومن لا يخالط أهل العلم فكيف يحسن ادعاء ذهابنا عنه مع حصرنا على العلم وعنايتنا به وأنا من ذلك بحيث يعلمون.

قلنا: ليس هذا بمنكر ولا عجيب، وقد يحرص الإنسان على شيء ويقل حرصه وعنايته بطلب نظيره وما يشاركه في بابه وحكمه؛ ألسنا نحن وأنتم مع حرصنا على العلم وشد عنايتنا له ولزومنا له ومواضبتنا عليه وتوفر دواعينا على معرفة مذاهب المخالفين به ومناظرة بعضنا لبعض في المجالس وتصنيفنا الكتب فيه لشذ على بعضنا العلم بمذهب غيره في المسائل الظاهرة المنصوصة حتى يحكمها عنه بخلاف قوله ثم يسأله عنها يرجع عما حكاه إذا أخبرنا بخلافه. وأبين من هذا أنا نسمي لكم مخلفًا [ق/ ١٢٠] في مسألة من المسائل من فتنكرون أن تكونوا سمعتم بذكره وأن تكونوا علمتم وجوده في العالم فضلاً عن خلافه، ولا أحصى من كلمته من

<<  <  ج: ص:  >  >>