للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألتنا إجماع على الحكم وعلى النقل. إلا أن موضع الاحتجاج هو بإجماعهم على النقل الذي لا يختلفون فيه، وهو كنقلهم المتواتر أن هذا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنبره وصاعه ومده، ولم ينقل فريق منهم هذا وفريق آخر غيره؛ فيقع اختلاف في النقل بالنقل جميعهم على حد واحد وصفة واحدة.

وقد حكى شيخنا أبو بكر الأبهري - رحمه الله - أنه لما وافق الصيرفي على هذا اعتراف له به، وقال له: إن الإجماع من طريق النقل لا نخالفكم فيه؛ لأن قول مالك والشافعي فيه واحد؛ فما معنى احتجاج مالك علينا فيه؟ قال: فقلت له: إن مالكًا إنما احتج به على فقهاء العراق وغيرهم الذين يخالفونه فيه.

وقال بعض من تكلم في هذه المسألة: ليس يخلو ما أجمع عليه أهل المدينة مما خالفوا فيه من أن يكون إجاعهم عن رواية اتصلت بهم لا مخالف لها فالحجة أداء الخبر دون القول والعمل.

فيقال له: لسنا نقول بهذا، ولكن نقول: إن إجماعهم هو نقلهم الذي لا مخالف عليه منهم النقل الذي وصفناه، ولا نقول: اتصل بهم، ولا نحتج، باعتقادهم لموجب النقل منفردًا عن النقل.

فأما قوله: الحجة إذا اتصل دون القول والعمل: فجوابه أنا كذل؛ نقول، ولسنا نحتج بمصيرهم إلى النقل واعتقادهم إياه، ولكن بنقلهم التواتر على أقسامه الذي قدمنا شرحها.

فإن قال: فنحن لا نمنع أن يكون الخبر حجة، وإنما ننكر أن يكون إجماعهم عليه وعملهم به حجة، فإذا سلمتم أن العمل ليس بحجة في

<<  <  ج: ص:  >  >>