للمسجد إلى آخر حدود الحرم، وجملة الحرم ما أذكره وهو على طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت تقارب ثلاثة أميال، ومن طريق اليمن طرف أصله لبن في بينة لبن سبعة أمثال. ومن طريق جدة منقطع الأعشاش عشرة أميال، ومن طريق الطائف على طريق عرفة من بطن نمره أحد عشر ميلاً، ومن طريق العراق على بينة جبل بالمنقطع سبعة أميال، ومن طريق الجعرانة شعب أبي عبد الله بن خالد سبعة أميال. وجاء في الآثار: أن إبراهيم أول من نصب أنصاب الحرم، وأن جبريل عليه السلام دله على مواضعها، فإن غنم إسماعيل كانت ترعى في الحرم، ولا تجاوزه ولا تخرج، فإذا بلغت منتهاه من ناحية من نواحيه رجعت حنانة فيه.
وقيل أن حدود الحرم مواقف الملائكة التي كانت تحرس آدم لئلا تؤذيه الشياطين والسباع، ثم أنه قد جاء في تعظيم البيت والحرم أخبار: فمنها ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وقف على الحجون يوم الفتح فقال: (والله أنك لخير أرض وأحب أرض الله إلى الله، ولو أني أخرجت منك ما خرجت). وقال:(إن مكة حرام حرمها الله يوم خلق السموات والأرض والقمر، ووضع هذين الأحبشين لم تحل لأحد قبل، ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار، ثم عادت كحرمتها بالأمس، وهي في ساعتي حرام هذه لا يجلى جلاؤها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يرفع لقطتها إلا منشدها! فقال العباس: يا رسول الله، إلا الاذخر فقال: إلا الاذخر).
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب الدعوة: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمسلط بالحروب ليذل من أعز الله، أو يعز من أذل الله، والمستحل من غير في ما حرم الله، والتارك لسنتي). ومعنى قوله (وكل نبي مجاب الدعوة) أراد بقوله (ستة لعنهم الله) الدعاء لا الخبر، ثم قال:(وكل نبي مجاب الدعوة) أي قد دعوت عليهم، وأنا نبي، والنبي لا ترد دعوته. وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (كان النبي إذا