للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم}. فاستجاب الله دعاءه وبعث فيهم نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكان يقول: (أنا دعوة أبي إبراهيم) وإذا كان كذلك فهو إذًا من بركات البيت وخيراته، إذ كان سببه الدعاء الذي دعا به إبراهيم ربه لحين فرغ من بنائه، واجبًا أن تكون طاعته له لي ببناء البيت وسيلة يوفى بها سؤله، وتستجاب دعوته.

ثم أن الله عز وجل خلق نبينا بمكة وبناءه فيها، وابتدأ تنزيل الكتاب عليه فيها. وفتحها بعد استيلاء المشركين عليها له وعلى يده، حتى طهر البيت من أرجاس المشركين وأخرج الأصنام والتماثيل التي كانوا نصبوها فيه منه. وأعاده ركنًا نقيًا كما كان مكان البناء والعمارة جاريين على يدي إبراهيم وإسماعيل والتنزهه والطهارة واقعين على يدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جميعًا.

ثم أن الله عز وجل جعله قبلة للناس، فقال {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} وأن فرض مع هذا كله قصده وزيارته، وأمر عباده أن يخفوا حوله بالطواف إظهارًا للولوع والملازمة له، كما يحف العبيد ببيوت ساداتهم، ثم يشرع لهم لذلك القصد آدابًا، وهيأ قبله أسبابًا، بها يتم منهم التعظيم، ويكمل الإجلال والتفخيم، ويتوفر التشريف والتكريم كما سبق بيانه حبًا به، وتفضيلاً لم يكن في ذلك ما ينكره إلا ضعيف عقله سفيه، وأنه كما قال الله عز وجل: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه، ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} وبالله التوفيق.

فصل

فأما ما دون البيت فإن المسجد فلا يعتد به، وأما خارج المسجد ففي تقدير الحرم

<<  <  ج: ص:  >  >>