حصاة، كل جمرة بسبع، فمن قال: أن المقصود بالرمي الشيطان جعل المقام بمنى، في هذه الأيام -بمنزلة المرابطة في سبيل الله. والرمي كل يوم منها بعد الزوال، بمنزلة ركضة تقع من العدو، فيرموا بالسهام ليزجروا على دار الإسلام.
ومن قال: إن المقصود بها الاستغفار جعل المقام بما في هذه الأيام كالاعتكاف في المسجد، والرمي كل يوم منها بعد الزوال كالصلاة والاستغفار، وكل واحد منهما محتمل والله أعلم، وفي الوجهين يراد للثبات على حكم قصد البيت، وترك الاستعجال بالصدر عنه، والتبرك بالرجوع إلى الموضع الذي فيه لحقتهم البركة، ورجوا فيه آثار الوفاق، وإمارات القبول، وليكون قصدهم البيت لطواف الوداع والصبر منه، كما كان قصدهم إياه لزيادة منه، ولم يرجعوا إلى عرفة لأن عليهم بقايا نسك ليست بعرفة موضعًا، ولأنها كانت مباحهم حين كانوا محرمين وهم الآن محلون فكان المقام بمنى الذي الإحلال أليق بهم من المقام بعرفة والله أعلم.
فصل
ولأجل ما وصفنا به الحج من الكمال والتمام وبينا الغرض في التعبد به، لم يشرع في العمر إلا مرة واحدة، ولم يفرض إلا على من كمل حاله. فإن الفرض الكامل كما لا يليق إلا بكامل الحال، وإن كان الغرض من الحج الإنابة والتوبة والأعذار إلى الله تعالى، لم يلق به العدد، وكان دخول العدد فيه موهنًا أمره. فإن النفس إنما مالت من إعدادها إلى خلاف الجميل تعجلاً على بلاء فيه بما يستقله منها. وإذا كان الحج واحدًا كانت النفس من مثل هذا أنزع، والقلب من الهم به أنزع وبالله التوفيق.
فصل
ويرجع إلى ما بدأنا به من الكلام في قوله تعالى:{إن أول بيت وضع للناس}.
فنقول: قد روى في الأخبار أنه أهبط لآدم خيمة من خيام الجنة، فضربت في موضع