ذمة المسلمين فوجبت عليه الجزية. والثاني أنه لا جزية عليه لأنه كان مؤمنا محقون الدم والجزية إنما هي ثمن لحقن الدم. والثالث الفرق بين أن يعتقه مسلم أو كافر وهذا قول ابن القاسم وروايته عن مالك وهذا الاختلاف إنماهو إذا عتق في بلد الإسلام وأما إن عتق في دار الحرب فعليه الجزية على كل حال. قال ابن عبد السالم في قول ابن الحاجب ولا عبد ظاهر كلامه جواز بقاء العبيد منهم بين المسلمين وهو الأصل.
وكان عمر رضه نهى أن يخلف في بلاد المسلمين شيء من أعلاجهم وأمر بإخراجهم من المدينة وإنما ترك أبو لؤلؤة قاتل عمر رضه ولعن قاتله لأن جماعة من أصحابه كلموه فيه لاحتياج الناس إلى صنعته قال مالك في المدونة ويقتل من الأسرى من لا يؤمن ألاترى ما كان من أبى لؤلؤة.
وأما الذكورة والبلوغ فقال ابن رشد رحه لأن الجزية ثمن لتأمينهم وحقن دمائهم والصبي والمرأة لا يقتلان.
وأما المخالطة فلأن من لم يخالط من الكفار كالحبر والراهب محقون الدم مثل الصبي والمرأة بالإصالة فلماذا تضرب عليه الجزية. قال ابن عبد السلام وهذا فيمن صادفه ضرب على حال الرهبانية.
وأما من ترهب بعد ذلك فقال مطرف وابن الماجشون يستصحب في حقه وجوب الجزية ولا تسقط عنه بفعل يقع منه اختيارا وقال غيره بل تسقط لأن الحكم في الأصل دار مع الرهبانية وجودا وعدما.
حكم رهبان الكنائس
قلت زاد في النوادر بعد نقل كلام مطرف وابن الماجشون عنهما ناقلين عن مالك وأما رهبان الكنائس فلا ينهى عن قتلهم ولا توضع عنهم الجزية وهم الشمامسة وهم الذين قال فيهم الصديق وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم فاضربوا ما فحصوا عنه بالسيف.
وفروع هذا التنبيه أوسع من أن يسعها هذا التأليف برمته بل وأكثر منه ولكنا نقتصر على ما كلت عنده الكتابة أسأله سبحانه ألا يردها عند البسط بالدعاء بمغفرته ورحمته خائبة.