للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اغتصاب الحرة المسلمة

ومما يعد من فعلهم نقضا للعهد فيقتل فاعله إلا أن يسلم فيسقط عنه القتل اغتصاب الحرة المسلمة في نفسها. قال في النوادر من كتاب ابن حبيب روي عن عمر في ذمي اغتصب مسلمة إنه يقتل وهو كنقض العهد. قلت بخلاف لو طاوعته في الزنى بها فعند أهل المذهب لا يكون ذلك نقضا ما عدا أشهب فإنه قال إذا لم يوف لهم بالعهد فليس بنقض وإن وفي لهم بالعهد كان نقضا.

وقال ربيعة بل هو نقض مطلقا غير أنه لا يثبت عليه ذلك إلا بالطريق الذي يثبت به على المسلم من شهادة أربعة على شرطها قال في سماع سحنون وسئل ابن القاسم عن النصراني يغتصب الحرة المسلمة فيطأها فيجب عليه بذلك القتل أيجزي في ذلك شهادة رجلين فقال ابن القاسم لا يقتل حتى يشهد عليه بذلك الفعل أربعة شهود أنهم رأواه كالمرود في المكحلة مثل الزنى سواء لأنه لا يستوجب القتل إلا بالوطء والوطء لا يثبت إلا بأربعة شهود.

قال سحنون وقد كان ابن القاسم يقول يجزي في ذلك شهادة رجلين ثم رجع إلى هذا قال ابن رشد رحه وجه ما كان ابن القاسم يقوله من أنه يجزي في ذلك شهادة رجلين هو أنه كان يرى اغتصابه إياها وغيبته عليه نقضا لعهده يوجب عليه نقضا لما جاء من أن امرأة مرت تسير على بغل فنخس بها علج فوقعت من أعلى البغل فبدا بعض عورتها فكتب بذلك أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب رضه فكتب إليه عمر رضه أن أصلب العلج في ذلك المكان فإنا لم نعاهدهم على هذا وإنما عاهدناهم على أن يعطونا الجزية عن يد وهم صاغرون.

ووجه القول الذي رجع إليه أنه لا يراه نقضا لعهده بغصبه إياها حتى يطأها على ما روي من أن عمر بن الخطاب رضه قال إذا اغتصب النصراني المسلمة نفسها فليقتل إن ذلك ليس مما صولح عليه فإنما يقتل إذا اغتصبها فوطئها لنقض العهد لا على حد الزنى ولا يلحق به الولد وهو على دينه فإن أسلم هدر عنه القتل وإن رأى أن ذلك كان خوفا من القتل إذا ثبتت صحة إسلامه وعليه صداق مثلها أسلم أو لم يسلم لأنه حق للمرأة قال ذلك ابن حبيب وحكاة عن أصبغ فلا خلاف إذا غصبها نفسها فوطئها أن ذلك نقض لعهده.

<<  <   >  >>