للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رسم الله فيهم أداءها مذلة وصغارا وما سومحوا في ذلك إلا لخدمتهم العامل استخفاء من الإمام.

وهذا والعياذ بالله شكل مروق من الدين ورضى بمساواة أهل الذمة لأهل الإسلام وخرقًا لحجاب هيبة الله على أهل الدين بإظهار عزمهم على من سواهم من الكافرين ففي بعض الآثار سموهم ولا تكنوهم وأذلوهم ولا تظلموهم وعنه صلعم لا تبدؤوهم بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فألجؤوهم إلى أضيقها.

وسمعت من شيخنا ذات يوم في مجلسه ولم أحفظه إلا من لفظه نقلا عن أبي حنيفة أنه يرى من تأدية حق الصغار في قوله سبحانه وهم صاغرون أن الذمي إذا أخذت منه الجزية يصحب تناولها منه جزة في رقبته فالحق الذي لا تسوغ مخالفته أداء جميعهم الجزية كما قال ربنا عن يد وهم صاغرون.

ولا يفترق في ذلك الكبوسي من غير الكبوسي ولا التاجر الرفيع القدر عندهم من الدني قال ابن رشد رحه ولا اختلاف أعلمه في أنه لا يزاد عيهم فيما فرضه عمر وإن أيسروا ولا ينقصون منه ما كان فيهم محتمل لحمل المفروض عليهم في الأرزاق مع الذهب والورق ولم يكن عليهم إلا الذهب والورق.

واختلف إن ضعفوا عن حمل الأربعة دنانير أو الأربعين درهما فقيل إنه يسقط عنهم الجميع وهو الظاهر من مذهب ابن القاسم وقيل إنهم يلزمون في ذلك بقدر احتمالهم ولا حد في ذلك قاله القاضي أبو الحسن. وقيل إن حد أقل الجزية دينار أو عشرة دراهم.

قلت هذا في الفقير لا من حكمه التخفيف وهو من دون الملي وهو القادر على أداء بعض الأربعة دون البعض فمن كان بصفة الفقر والإملاق ففيه قولان حكاهما ابن الحاجب في قوله:

وفي أخذها من الفقير قولان كما حكى في التخفيف قولين مثل نقل ابن رشد السابق ولا يطلب بالجزية التي أسقطها الفقر عنه بعض غناه بخلاف من فر بها سنين وهو قادر على أدائها فإنها تؤخذ منه لما مضى وشروط أدائها خمسة العقل والحرية والذكورة والبلوغ والمخالطة.

أما الجنون فلسقوط التكليف بوجوده وأما الحرية فقال ابن رشد لأن العبد مال من الأموال واختلف فيه إذا عتق على ثلاثة أقوال: أحدها أن عليه الجزية لأنه حر له

<<  <   >  >>