للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

- والظاهر أن الزبور الحالي قد اختلط فيه ما هو وحي رباني هو إنشاد لداود بما هو قصائد أخرى قالها غير داود، يظهر ذلك بأدنى تأمل، فهنا مزامير لا تذكر نسبتها وهناك مزامير تذكر أن داود قالها بمناسبات، وهناك مزامير أخرى تنسب لقائليها.

- والراجح أن هناك بقية من صحف موسى في الأسفار الخمسة مخلوطة بغيرها.

ومن ههنا نعرف رحمه الله عز وجل إذ خص محمدًا صلى الله عليه وسلم بكتابه الحاكم والمهيمن والمعجز والمحفوظ لتفيء البشرية إليه، ويكون حجة على المكلفين، وجعل فيه من الخصائص مالا يحاط به.

وتوجد عند أمم كثيرة غير اليهود والنصارى أسفار دينية قد تكون بعض أصولها مروية عن الأنبياء، ولكن ذلك لا نستطيع الجزم به، وإن كنا نجزم أنه ما من أمة إلا وقد أرسل لها من يلفها دعوة الله: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} (١). وهؤلاء الرسل جميعًا بعثوا بتبيان المفروض على الناس، وتعليم الحكمة في التعامل مع الخالق والخلوق، وبعثوا بتزكية الأنفس: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} (٢)، {وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} (٣).

وهذا كله يتم عبر تبليغ الوحي؛ سواء أشبه هذا الوحي الأحاديث القدسية في شريعتنا، أو أشبه السنة النبوية ثم سجله الناس عن أنبيائهم وحرفوه فيا بعد، ويحتمل أن يكون الله عز وجل قد أنزل كتبًا أخرى غير الذي ذكره لنا؛ فقد قال الله عز وجل: {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} (٤)، قال الفخر الرازي: (وللوحي خصائص وللكتب السماوية خصائص وسمات وخص القرآن بمزيد من هذه الخصائص والسمات)، وقد ذكرت في القرآن الكريم خصائصه وصفاته فهو: محكم، مثاني، حق، عدل، مفصل، يفرق بين الحق والباطل، يبين كل شيء يحتاجه المكلف في أمر دنياه وأخراه وفيه الهداية والرحمة، وآياته على نوعين: محكمة ومتشابهة، وفيه عرض لآيات الله في الكون والنفس، وفيه علم الساعة، وهو أعلى كتاب، وأحكم كتاب، وفيه الإنذار


(١) فاطر: ٢٤.
(٢) النازعات: ١٨، ١٩.
(٣) البقرة: ١٢٩.
(٤) البقرة: ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>