كأنه آذان الفيول، في أصلها أربعة أنهارٍ: نهران باطنان ونهران ظاهران. فسألت جبريل فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران النيل والفرات. ثم فرضت عليَّ خمسون صلاة، فأقبلت حتى جئت موسى فقال: ما صنعت؟ قلت: فرضت عليَّ خمسون صلاة. قال: أنا أعلم بالناس منك، عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لا تطيق، فارجع إلى ربك فسله. فرجعت فسألته، فجعلها أربعين، ثم مثله ثم ثلاثين، ثم مثله فجعل عشرين، ثم مثله فجعل عشراً. فأتيت موسى فقال مثله فجعلها خمساً. فأتيت موسى فقال: ما صنعت؟ قلت: جعلها خمساً. فقال مثله. قلت فسلمت. فنودي: إني قد أمضيت فريضتي. وخففت عن عبادي، وأجزي الحسنة عشراً".
أقول: حاول بعض العلماء أن يؤولوا هذا الحديث فأولوه تأويلات شتى، والظاهر أن من أنهار الجنة الفرات والنيل، فأهل الجنة يختار لهم من مسميات ما عرفوا في الدنيا ما يزدادون به أنساً. وهناك اتجاهٌ إلى أن سيحان وجيحان والفرات والنيل التي ورد ذكرها مجتمعة في بعض النصوص قد شرفت بأن نسبت إلى الجنة في الدنيا إشارة إلى أنها ستكون من أنهار المسلمين في الدنيا فلها فضلها، ويمكن أن يكون في المسألة جانب غيبي يقتضي منا التسليم، فقد ذهب القاضي عياض إلى أن أصول سدرة المنتهى في الأرض بدليل أننا نشهد أن النيل والفرات ينبعان من الأرض، وقد ذكرنا أن السموات السبع والجنة والنار مغيبة عنا. هذا ولم نذكر قول عياض مؤيدين له إنما ذكرناه كنموذج لاحتمال أن يكون في المسألة جانب غيبي يجب التسليم فيه دون البحث عنه. وقال القرطبي:(... وقيل إنما أطلق على هذه الأنهار أنها من الجنة تشبيهاً لها بأنهار الجنة لما فيها من شدة العذوبة والحسن والبركة. وعلى هذا فالنيل والفرات المذكوران في الحديث نهران موجودان في الجنة وهما غير الفرات والنيل الموجودين على الأرض، وفي ذلك إيناس لأهل الجنة وتشريف للنيل والفرات الأرضيين).
٦٦٢ - * روى البخاريُّ ومسلم عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
٦٦٢ - البخاري (٦/ ٣١٤) ٥٩ - كتاب بدء الخلق، ٧ - باب إذا قال أحدكم آمين. =