للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال: وفيه دليل على جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس إليه والاستكثار منه ولا يُعدُّ ذلك هجراناً لغيره، ومع هذا التقرير من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وتبشير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له بالجنة لم نجد من العلماء ولا من الصحابة قبلهم من يقول بأن فعله هذا سنة ثابتة، ذلك لأ، ما واظب عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي تنبغي المحافظة عليه، ولكنه يُعطينا الدليل على أن مثل هذا وإن كان في صورته مخالفةٌ لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم في الجملة فإن الأمر واسع لا كما يظن البعض ما دام الفعل في إطار المشروع والمطلوب، [ويدخل في عمومات الشريعة]).

٤٢٢ - الحديث الرابع روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث رجلاً على سريةٍ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختمُ بقل هو الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: "سلوه لأي شيء يصنع ذلك". فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقر بها فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أخبروه أن الله يحبه".

قال الحافظ في الفتح: قال ابن دقيق العيد: هذا يدل على أنه كان يقرأ بغيرها ثم يقرأها في كل ركعة وهذا هو الظاهر. ويحتمل أن يكون المراد أنه يختم بها آخر قراءته فيختص بالركعة الأخيرة أ. هـ (١). أي وكلا الأمرين لم يُعهد فعلُهُ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومع ذلك أقره بأعلى درجات الإقرار وهو التبشيرُ بمحبةِ الله له.

ومع كل هذا فلم نعلم أن أحداً من العلماء قال باستحباب ذلك افتتاحاً كالحديث السابقن ولا اختتاماً كما هنا، لأن ما واظب عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو الأفضل، ولكن إقراره لمثل هذا يُوضحُ سُنتهُ صلى الله عليه وآله وسلم في قبول ما كان مثل ذلك من أوجه الطاعات والعبادات، ولا يُعتبرُ مثلهُ حدثاً مذموماً كما يتسابق المتشددون إلى


٤٢٢ - البخاري (١٣/ ٣٤٧) -٩٧ - كتاب التوحيد -١ - باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى.
مسلم (١/ ٥٥٧) -٦ - كتاب صلاة المسافرين وقصرها -٤٥ - باب فضل قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
(١) فتح الباري (١٣/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>