"ويذكر أبو الكلام نبوءة لحزقيال عن يأجوج ومأجوج تذكر جوج بأنه رئيس منسك وتوبال فيقول ليس منسك إلا ما نسميه الآن موسكو، أما توبال فهي بلاد البحر الأسود المرتفعة"، ومن كلام أبي الكلام نفهم أن يأجوج ومأجوج يشكلون الشعوب التي تعتبر وراء جبال القوقاز كما يشكلون بالموجات التي انساحوا فيها في البلاد شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا وسيطروا عليها وامتزجوا بها بشعوب أخرى، إنهم يشكلون أكثرية سكان هذا العالم، وهذا الذي يشير إليه الحديث الصحيح الذي يذكر أن الله يأمر آدم يوم القيامة أن يخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، وأن سبب كثرة بعث النار وجود أمتين يأجوج ومأجوج ما كانتا في شيء إلا كثرتاه، فسكان أوروبا وآسيا الشرقية بما في ذلك الصين وسيبيريا ومنغوليا وحتى الجنس الآري كله مظنة ان يكون لهم صلة بيأجوج ومأجوج، واما من هم الذين انصبت عليهم النصوص بأن خروجهم ومجيئهم إلى بلاد الشام قبيل يوم القيامة، فأمر غيبي يعرف ساعة وقوعه ولنعد إلى كلام أبي الكلام أزاد: يخصص أبو الكلام آخر بحثه عن سد يأجوج ومأجوج ومن كلامه:
(توجد في البقعة الواقعة بين بحر الخزر والبحر الأسود سلسلة جبال قوقاز كأنها جدار طبيعي، وقد سد هذا الجدار الجبلي الطرق الموصلة بين الشمال والجنوب، إلا طريقًا واحدًا بقي مفتوحًا، وهو مضيق في وسط سلسلة الجبال، يوصل بين الشمال والجنوب، ويسمى هذا المضيق في أيامنا هذه بمضيق داريال، ويشار إلى موضعه في الأطالس الحاضرة بين ولادي كيوكز Vladi Koukas وطفليس، حيث يوجد إلى الآن جدار حديدي من قديم الأزمان، ولا ريب أن هذا هو الجدار الذي بناه غوروش إذ تنطبق عليه الأوصاف التي وصف بها القرآن سد ذي القرنين قائلًا إنه استخدمت في بنائه زبر الحديد وأفرغ عليه النحاس بعد أن أذابوه لتتصل مفاصله، فلا يبقي به خلل، وقال إنه بني بين جدارين جبليين. وهذا هو ما نراه في مضيق داريال جدارين جبليين شاهقين أقيم بينهما هذا السد الحديدي الذي قفل باتصاله بالجدارين الطريق الذي كان مفتوحًا بينهما.
وإن الكتابات الأرمنية لها أهمية كبيرة في المسألة، لأنها لقرب المكان أصبحت بمنزلة الشهادة المحلية، قد سمى هذا السد أو الجدار الحديدي في اللغة الأرمنية من الدهور السالفة