كالمكره. إلى أن قال: وقُتِل أصحابه حوله، وكانوا خمسين، وتحول إليه من أولئك عشرون، وبقي عامة نهاره لا يقدم عليه أحد، وأحاطت به الرجالة، وكان يشد عليهم، فيهزمهُم، هم يكرهون الإقدام عليه، فصرخ بهم شمر! ثكلتكم أمهاتكم، ماذا تنتظرون به؟ وطعنه سنان بن أنس النخعي ف يترقوته، ثم طعنه في صدره فخر واتز رأسه خولي الأصبحي لا رضي الله عنهما.
ذكر ابن سعد بأسانيد له قالوا: قدم الحسين مسلم [بن عقيل]، وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة، ويكتب إليه بخبر الناس، فقدم الكوفة مُستخفياً، وأتته الشيعة، فأخذ بيعتهم، وكتب إلى الحسين: بايعني إلى الآن ثمانية عشر ألفاً، فعجَّل؛ فليس دون الكوفة مانع، فأغذ السير حتى انتهى إلى زبالة، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مئة ألف، وكان على الكوفة النعمان بن بشير، فخاف يزيد أن لا يقدم النعمان على الحسين. فكتب إلى بعيد الله وهو على البصرة. فضم إليه الكوفة، وقال له: إن كان لك جناحان، فطرْ إلى الكوفة! فبادر متعمماً متنكراً، ومر في السوق، لما رآه السفلة، اشتدوا بين يديه: يظنونه الحسين، وصاحوا: يا ابن رسول الله! الحمد لله الذي أراناك، وقبلوا يده ورجله؛ فقال: ما أشد ما فسد هؤلاء. ثم دخل المسجد، فصلى ركعتين، وصعد المنبر، وكشف لثامهم، وظفر برسول الحسين - وهو عبد الله بن بقطر - فقتله. وقدم مع عبيد الله؛ شريك بن الأعور - شيعي-؛ فنزل على هانئ بن عروة، فمرض، فكان عبيد الله يعوده، فهيؤوا لعبيد الله ثلاثين رجلاً ليغتالوه، فلم يتم ذلك. وفهم عُبيد الله، فوثب وخرج، فنم عليهم عبدُ لهانئ، فبعث إلى هانئ - وهو شيخ - فقال: ما حملك على أن تُجيز عدوي؟ قال: يا ابن أخي، جاء حق هو أحقُّ من حقك، فوثب إليه عبيد الله بالعنزة حتى غرز رأسه بالحائط.
وبلغ الخبر مُسلماً، فخرج في نحو الأربع مئه، فما وصل إلى القصر إلا في نحو الستين، وغربت الشمس، فاقتتلوا، وكثر عليهم أصحاب عبيد الله، وجاء الليل، فهرب مسلم، فاستجار بامرأةٍ من كندة، ثم جيء به إلى عبيد الله، فقتله؛ فقال: دعني أوص. قال: نعم. فقال لعمر بن سعد: يا هذا! إنْ لي إليك حاجة، وليس هنا قرشي غيرك، وهذا