الله بن عامر، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه، وقولا له، واطلبا إليه، فأتياه، فدخلا عليه، وتكلما، وقالا له، وطلبا إليه، فقال لهم الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنه يعرضُ عليك كذا وكذا، ويطلبُ إليك ويسألك؟ قال: فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئاً إلا قالا: نحنُ لك به، فصالحهُ فقال الحسن: لقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن عليٍّ إلى جنبه، وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى، ويقول:"إن ابني هذا سيدٌ، ولعل الله أن يُصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".
تصويبات:
١ - لا شك أن الحسن رضي الله عنه هو الخليفة الراشد الخامس وتنازله عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه وهو الأحق منه بالخلافة يرشدنا إلى أنه يجوز لولي الأمر أن يتنازل عن إمرته إذا وجد أن في ذلك مصلحة للمسلمين، وهكذا قدمت لنا الخلافة الراشدة نموذجين، نموذجاً على الاستمرار بالتمسك بالحق وعدم الرضوخ لمطالب الثائرين كما فعل عثمان رضي الله عنه، ونموذجاً على التنازل حقناص لدماء المسلمين، وكل ذلك سنة لخليفة راشد.
٢ - لقد كان الحسن رضي الله عنه على رأس الأمر وعنده كتائب كأمثال الجبال {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} فلم يكن تنازله لمعاوية رضي الله عنه عن تقية ولكن كان عن قناعة وروية ومصلحة وهذا حجةً على الشيعة في أكثر من مقام، وبالنسبة للمستقبل فإنه يفتح للشيعة الباب أن يخضعوا لأي خليفة فضلاً عن خليفة يختاره المسلمون.