الهالك المذكور للصدارة، وإنما كان تصرفه فيها على وجه الافتيات منه ورعيا لسابقية خدمته مع والده استحيا منه ولم يؤنبه وإلا فرتبة الوالد هى التي رشح لها الولد فزال لمولاى سليمان الأشكال وتحقق صدق المقال.
كما قلد المترجم أيضا أمانة الأمناء المالية للأمين الأكبر أبى عبد الله السيد محمد بن الحاج محمد التازى الرباطى الشهير.
قال صاحب الاستقصا: وفى هذه الأيام استدعى السلطان أيده الله خديمه الأرضى، السيد محمد ابن الحاج محمد التازى الرباطى إلى حضرته العالية بالله بمراكش، فقدم عليه الأمين المذكور وأجل السلطان مقدمه وأسند إليه أمر خراج المغرب ومراسيه ومستفاداتها وما يتبع ذلك من صوائرها، وفوض إليه في ذلك تفويضا تاما لعلمه بنصحه وأمانته وضبطه، قال: وهذا الرجل من أمثل أهل المغرب وأصدقهم وأنصحهم للسلطان، وأشدهم غيرة على الدين والوطن، حتى لو كان في الدولة عشرة رجال على شاكلته ومذهبه لكان يظن أن يكون لها بذلك النجاح التام، نسأل الله تعالى أن يصلح أمرها، ويشيد بمنه عزها وفخرها. انتهى.
وبقى قائما بأعباء وظيفه بغاية الاجتهاد والسداد مصاحبا للركاب السلطانى حلا وارتحالاً إلى أن اخترمته المنية بفاس في رمضان عام ١٣٠٧ ودفن بضريح مولاى أحمد الصقلى منها بقرب قبر الأمين السيد محمد بن المدنى بنيس الذى كان قبله، فقلد المترجم بدله أخاه الأصغر الناصح الغيور النزيه الطيب الذكر السيد الحاج عبد السلام بن محمد التازى الرباطى المتقدم الذكر في ترجمة الوزير الأكبر السيد أحمد بن موسى فسار على سيرة أخيه، مع اقتفاء نهج الجد وتوخيه، والقصد والسداد، والجد والاجتهاد، وشدة الاهتمام بمصالح الإسلام، وفيه يقول الأديب الكبير العلامة الشهير أبو العباس السيد أحمد بن قاسم جسوس:
إن عدت الأمثال كان أجلها ... بل نورها وسواه كان الشيحا
ذاك العقول إذا كبت آراؤهم ... أضحى العويص برأيه مفتوحا
أس الوفار ومنبع المجد الذى ... تلقى مكان الحمد فيه فسيحا