للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أعظم مدن الدنيا، وأبهجها، فأول من لقينا الوزير الذى كان بعث لنا صاحبه لمرسيلية، واسمه اليسكيزوا، فرحب بنا وألطف ملاقتنا، وأثنى خيرًا وأبدى سرورا وبشرى، ثم جاءنا قائد المشور من عند السلطان يستدعينا لملاقاته هـ.

أرسله بذلك سيده فلقينا يوم الثلاثاء ثالث قدومنا فبالغ في إلطافنا والمبرة بنا، وكان أشار علينا بعض من له خبرة بعوايدهم أن لابد من إنشاء خطبة تتضمن تعظيما لجانب سيدنا ولسلطانهم وجنسهم، وأننا لازلنا على المودة وتأكيد المحبة إلى غير ذلك من الزخاريف، ونسردها بحضرته، ففعلنا ذلك من غير تفريط ... ولا يخل بواحدة من الملتين فلما لقينا ... ما كنا زورناه ثم فسره الترجمان فبعد فراغ ... خطبته من جيبه وسردها بلسانه ثم فسرها الترجمان ... أنه يحمد الله ويشكره على ما حصل من تجديد المحبة ... بينهم وبين سيدنا نصره الله وأنه لا زال على المحبة ... والميثاق، وأن ما حدث من المجاورة بيننا وبينهم يوجب كثير الوداد إلى غير ذلك مما كان جوابا لكلامنا، ثم مكناه من كتاب سيدنا فقبضه بيده، ووضعه على كرس رأسه، ونزل درجة عن كرسيه عند قبضه تعظيما، ثم دفعه لوزيره فرجعنا من عنده، ثم بعث لنا يعرضنا للعشاء معه، فصرنا إليه في وقت العشاء فألفيناه قد أحضر عظماء دولته، وخواص مملكته ونساءه وأولاده وجلس معنا بنفسه، في صالة لا يسع هذا الكتاب وصف ما فيها، فأكلنا ما يباح من الأطعمة، وبعد فراغنا أخذ يتحدث معنا ويباسطنا بطيب الكلام ويتصفح من كان معنا من أصحابنا ويقف مع كل واحد منهم على حدته، ويسأل عنه وعن أحواله، ومن هو، وما يعمل، وكذلك أولاده وأقاربه حتى أعطوا لِكُلِّ واحد حقه من ذلك.

ومما تشكر به هو ووزيره وامرأته وخواصه ما فعله المسلمون بناحية الجديدة من إخراجهم ما قدروا على إخراجه من نصاراهم الذين انكسر مركبهم في شهر

<<  <  ج: ص:  >  >>