للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعده: فإن المراسلة بين الدول، والمواصلة بين الملوك الأول، تفتح للمودة أبوابا، وتيسر للمواصلة أسبابا، وتزيد الود تأكيدا، والعناية تجديدا، وتزرع حب الحب في القلوب، وتقرب البعيد وتيسر المطلوب، ولما رأينا ما برز به القدر من هذا الكدر، الذى لم يكن في ورد عندنا ولا صدر، أردنا الوقوف في ذلك على عين الحقيقة، وسلوك السبيل إلى العلم بسببه والطريقة، طلبا للإنصاف ورغبة في العدل الذى هو أحسن الأوصاف واختبارا للمحبة التي قدم عهدها، وكان على يد الأسلاف عقدها، فاخترنا من بيوتات الخدمة والرياسة سفيرا، ورشحنا لحضرتكم من خاصتنا باشدورا، وهو وإن كان صغير السن فهو كبير الهمة والعقل، وهو الخديم الأنجب، والشاب الأنجد الحاج عبد القادر بن الخديم المرحوم الأرشد القائد محمد أشعاش وأصحبناه هذا الكتاب الشريف، والأمر الرفيع المنيف، ليكون للعهد مجددا، وللصلح المنعقد مؤكدا، وهو النائب عنا في إنهاء مسائل عرضت تكسب الود صفاء، وتزيد العهد ثباتا ووفاء، فتأملوها بعين الإنصاف والعناية، وقابلوها مقابلة من شأنه الملاحظة والرعاية، فإن بصفائها تجرى الأمور على مقتضاها، وبحسم مادتها تبلغ النفوس من هذه المهادنة مناها، والله أسأل أن ييسر أسباب التوفيق، والهداية إلى أحسن روض مرعاها، في سابع عشر شوال الأبرك عام واحد وستين ومائتين وألف" من أصله المحفوظ بوزارة الخارجية الفرنسية.

وقد قدمنا الكلام على هذه السفارة في وقائع سنة ١٢٦١، كما ذكرنا السفارة التي وردت في السنة بعدها، ونزيد هنا كتابا بعثه السفير الحاج عبد القادر للسلطان يتضمن الإخبار بما لقى من المبرة والإكرام ونصه على بترٍ فيه:

"وبعد فمما يجب إنهاؤه لكريم علمكم، أنا دخلنا مدينة باريس يوم الأحد ثامن عشرين من الحجة الحرام، بعد أن مكثنا في الطريق سبعة أيام، من يوم خروجنا من مرسيليه، فأنزلونا منزلا رفيعا، ونظرنا فيها منظرا حسنًا بديعا، وهى

<<  <  ج: ص:  >  >>