للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرناكم وأرشدناكم لأنكم مسئولون عن الرعية ونحن مسئولون عنكم {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥)} [الجاثية: ١٥] ألا هل بلغت، اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد، وفقنى الله وإياكم، وهدانى والمسلمين إلى صراطه المستقيم وهداكم. آمين والسلام في ٨ صفر الخير عام ١٢٧٠".

فهذه الظهائر الشريفة، والأوامر المنيفة، هى مرآة مكبرة لماضى صالح سلفنا الأكرمين، وأمرائنا العظام من الفتح الإسلامى إلى العصر الحاضر، لا يتقاعسون عن زجر وإنذار من حاد عن الطريقة المثلى والمحجة البيضاء، التي لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، تارة بالوعد، وأخرى بالوعيد، فلقد كان يهمهم كثيرا تعظيم شعائر الدين ورعاية حرماته وإعلاء منار النظام الذى رتبه الله لخلقه، ورسمه بالشريعة، وأوجبه بالحكمة البالغة امتثالا لأوامر الخالق الرازق، ورضوخا لتعاليم الدين الحنيف، ولتحققهم أن الدين أكثر تأثيرًا في بقاء الملك ورسوخ الدولة وجمع الكلمة في الدفاع عنها، وأن أهل الاعتقاد الواحد يعملون بقلب واحد ويد واحدة، ويعتقدون برابطة دائمة بينهم في الدنيا والآخرة، وأن أعظم واجب على السلطان القيام بحفظ الدين ووظائفه الشرعية حتى لا تزول عن أوضاعها، وأن وظيفة الملك قد علم بالضرورة أنها هى حراسة الدين لحماية الناموس.

والأوائل لا يسمون بالملك إلا من حرس الدين وقام بحفظ مراتبه وأوامره وزواجره، وأما من أعرض عن ذلك فيسمونه متغلبا ولا يؤهلونه لاسم الملك، وأن الدين هو وضع إلهى يسوق الناس باختيارهم إلى السعادة القصوى، والملك حارس هذا الوضع الإلهى حافظ على الناس ما أخذوا به، حتى إذا أغفل شيئا من حدوده دخل عليه من هنالك الخلل والوهن -وحينئذ تتبدل أوضاع الدين ويجد الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>