وعاقبه، ويختار الأشياخ من أهل الدين، ويرفع القضايا الشرعية لقضاة العدل الذين يتقون الله ويتحرون في أحكامهم.
ومن وجب عليه حد من حدود الله يرفع أمره إلينا لنأمر بإنفاذ حكم الله فيه، ولا يقال: فسد الزمان، وقل أهل الدين وفقد الناصر، فإن من قام لله وجد الله قال تعالى: {. . . وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)} [الحج: ٤٠، ٤١] فهذه تذكرة لمن تذكر، وتبصرة لمن تبصر، فاجعلوا ما اشتمل عليه هذا الكتاب نصب أعينكم، فإنا نصحناكم ولمنهاج الشرع أرشدناكم، فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها، والله يوفقكم لما يحبه ويرضاه آمين".
قال المشرفى المذكور بعد جلبه لهذا الظهير: فلينظر العاقل إلى هذه الوصية الجامعة التي لم تصدر إلا من خليفة أو من ابن نبى ولى، جمع فيها بين علوم الشريعة والحقيقة، دلت على صفاء باطنه واتصافه بالعدل وإيثاره للدين على غيره، وإعراضه عن الأغراض المفسدة للطبع البشرى، فيجب على كل خليفة وولى عهد من أمير ومأمور أن يحفظ فصولها، ويعمل بمقتضاها، ولذلك أدرجتها في تأليفى هذا لنأخذ قسطا من الثواب مع من عمل بها، فينبغى للحاكم أن يمشى على منهاجها فهى كرسالة مولانا على بن أبى طالب كرم الله وجهه للقضاة وأهل الفتوى، ولقد شاهدنا من لم يخالف أمره نجح سعيه وصلحت أحواله ونتجت بخير قضاياه، ومن ادعى عليه أو خالف أمره واتبع هوى نفسه بدد الله شمله ومحا المولى سبحانه اسمه ورسمه.
وقضية الوداية، فيها الكفاية، فقد كانت لهم السطوة والجاه العريض الباع والحظوة، وحيث استخفوا بسلطان الله أهينوا، وكان عاقبة أمرهم خُسْرًا والذى قرأناه في فنون الأدب أن ثمانية إذا أهينوا فلا يلومون إلا أنفسهم: من أتى مائدة