وبعد: فإننا والحمد لله بتمامه لازلنا على عهدكم ومحبتكم، نسأل عنكم ونحبكم وندعو لكم، لكن بقى القلب متعلقا من أجلكم حيث لم يأتنا من لدنكم كتاب ولا جواب مع قربكم منا ومحبتنا معك راسخة لا يفصمها عارض من العوارض. . . . وأما خبر هذه الناحية فالسكوت عنه خير من الخوض فيه، فقد تراكمت أهوالها واشتدت أزمة الفتن حتى وصلت حدها، وخافت الناس سطوة العدو الكافر دمره الله، وهابوه لذلك لا سيما حيث أمنوا انتقام المخزن وعدم قيامه لديهم، فجدوا في الفساد واتخذوه سبيلا، وامتلأت بلاد الله بغيا وفسادا، وأكل القوى الضعيف، ولم يبق خوف ولا حياء إلا من الكافر لا غير، فلما ثار ذلك وشاع لديهم ذهب ميعاد المهاية بفرسهم وهديتهم للكافر يطلبون الأمان لأنفسهم، فتبعهم كثير من القبائل كبنى حمليل، وبنى بوحمدون وغيرهم، فأمنهم الكافر وأجابهم بما يقتضيه ظاهره، كما كانت عادته وباطنه على دغل يترقب الفرصة وينتهزها مهما وجدها، والناس في وجل منه، والفساد بينهم لا حدّ له.
فأهل أنجاد يشنون الغارات على أطراف وجدة وبنى مطهر أكلوا مال بنى وكيل وبعض مال المزاوير معه بوترفاس بنفسه ولم يبق حسن ولا محسن، والجهة التي تلى الحدود كلها التجأت لإيالة الرومى ما عدا بنى يعلى مع أنهم بقوا في حيرة من عدم الملتجأ، فهذا وجه ما عليه الناس في نواحينا كافة، نسأل الله السلامة لديننا ودنيانا آمين، وحامله الطيب الطرشى منا وإلينا استوص به خيرًا بارك الله فيك وأعانك، وعلى محبتك وعهدك والسلام في ٢٨ ذى الحجة الحرام متم عام ١٢٦٦، ويسلم عليك أخونا كاتبه صح منه حمزة بن الطيب لطف الله به" من ملف أوراق الأمير عبد القادر المحفوظ بمستودع الأوراق بالقصر السلطانى بالرباط.