إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وإنما اللائق هو مقابلتهم بالشدة، وأخذهم بالعنف، ليلزموا طورهم، ويعرفوا قدرهم، فقد جربناهم وخبرناهم، وتعرفنا ذلك من طباعهم أهلكهم الله، ومع هذا النازل بهم ورغبتهم في الصلح لا تركن لما أظهروا ولا تغتر بسكون الفتان، وخذ الأهبة والاستعداد بعمارة تازة وشحنها بالرماة النفاعة، التي تكون حامية ومنعة، مثل رماة العرب دخيسة مائة، وأولاد نصير مائة، وذوى منيع خمسون، والشجع خمسون وثلاثمائة أو أربعمائة من رماة الجبل إيالة الصنهاجى وفرجى.
ورتب لهم الكفاية، فإن الرماة أكثر معونة وأقل مئونة، حتى إن كان الطول يملهم اجعل لهم الإدالة يتبدلون بعد الشهر أو الشهرين، ولا يلحقهم ملل ولا ضجر، وهذا العسكر النظامى حيث ظهر ثباته وإقدامه ونكايته في العدو استكثر منه على قانونه وإعداد عدته، وقد أخبر ولد أبي محمد أن سبب اضطراب تلك القبائل هو ما ألقاه الوزغ ولد بوزيان مما كنا منيناه به، حين كان بحضرتنا الشريفة، وذلك إنما كان منا على وجه المدافعة والوعد، حيث أكثر الإلحاح والرغبة، وإلا فأى فائدة ظهرت على يد الكرارمة، وأى عائدة عادت على الدولة منهم حتى يجابوا لما طلبوا! وما أفسد قلوب تلك القبائل وكفرهم في المخزن إلا ولايتهم لما يرتكبونه فيهم من العسف والظلم والبغى الخارق للعوائد حتى يختاروا الكفر عن عودهم لولايتهم، فكيف بالدخول في حزب الفتان! فذلك أيسر عليهم من تحمل أعباء ولايتهم.
وانظر ما نتج منهم من كثرة الإرجاف وإلقاء الرعب في القلوب مما سودوا به الصحائف، وطولوا وهولوا وخوفوا من أمر الفتان، وأنه قادم لتازة لا محالة، وطلبهم للمدد والخيل والعدة والمعونة بالعسكر وغيره.