حسن معه، لأنه ولد الدار وله، ولسلفه صالح خدمة ونصيحة وقدم صدق في الحزم والنجدة، غير أنه خلط ولم يتبع سيرة سلفه وتخلق بأخلاق البربر وآثرهم على العربية، وأراد جعل قدمهم على رقاب بنى حسن، وسعى في وطئهم بهم، وجعلهم مخزنا عليهم مع فسادهم، وخصهم بإعطاء جيد خيل بنى حسن وتفريق مال الله الذى جمع عليهم، وجعلهم وزره وحاميته، حتى أعلام المخزن التي كانت عنده أعطاها لزمور، ورضى بالدنية لهم التي لم يرضها أسلافه من قبل، حتى عقد حلف الطاطة معهم، الذى لا يرضى فعله ذو نفس أبية، وهمة عربية، من ارتكاب عادتهم الجاهلية في ذلك من الاجتماع معهم على طعام مخصوص، والمشى إليهم حافيا عارى الرأس، ليكمل العقد ويطمئنوا إليه، ويصير من جملتهم، وقد اقتدى به إخوانه وغيرهم، وتخلقوا بهذا الخلق السيئ الشيطانى، وقد كان بنى حسن أشداء على عداوة البربر، ساعين في قمعهم، مثابرين على قتالهم، لا يرضون بجعل العافية معهم فضلا عن مؤاخاتهم ومحالفتهم، وبذلك صلاح زمور واستقامتهم، فانظر إلى ما رجعوا إليه اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، مع أنه من المعلوم المجرب أن ولايته عليهم لا تعقب إلا بالفتنة والاضطراب، كالواقع الآن وسعى الجروانى في هذا وشبهه ليس فعل عمال النصيحة وولاة الصلاح.
وقد سرى ذلك حتى دخل في الغرب، فقد لقيه الحباسى بمكناسة، وأهدى له بغلة ووعده بالولاية، وصار يشنع ذلك ويشيعه في آذان العامة مع سكون أهل الغرب ورضاهم بولاية عاملهم لما مسهم من الراحة وعمهم من العفة وحسن الملكة، وأعلمناك بهذا كله لتكون على بصيرة، وتنظر فيه بحسن النظر، وتتنبه لما وقع وصدر، وتكشف عن حقيقة ذلك وصحته من عدمها، ونحن الآن نراعى أمر الفتان الحاج عبد القادر، فقد بلغنا استفحال أمره، وانتشار ضره، ونريد من يسعى