للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفق ما حدث من الفتن بعد وفاة والد المترجم وأساطين دولته وساساتها، ولما آل الأمر للمترجم لم يجد من أولئك من يعيره لتنفيذ أوامره أذنا صاغية، بل قوبل جلها إن لم نقل جميعها بالرفض وإبداء العلل الواهية زيادة على كونها صارت بعد أبيه مركز المؤامرات السياسية عليه وعلى إخوته.

وأثناء هذا وسوس بعض شياطين الإنس لصاحب الترجمة في أبي العباس أحمد بن على الريفى حتَّى أوغر صدر السلطان عليه، وصمم على المكر به، فطير له الإعلام بذلك بعض أصدقائه من الحاشية الملكية فخاف بطش الملك ووجه بهدية ذات بال جمع فيها تيجانا مرصعة بنفيس الأحجار وأموالاً طائلة وأوفد معها ثلاثمائة نفر من أعيان إخوانه أهل الريف يبرهنون للمترجم على إخلاص مرسلهم ورضوخه للطاعة وبراءته مما ألصق به ويطلبون أمانه فأمر بقتل جميعهم، ولما اتصل ذلك بالريفى المذكور قام لإيقاد نيران الفتن على ساق حتَّى اضطرمت وتسعرت وتطاير شررها، وعم الفساد الحاضر والباد، وقطعت السابلة وكان ما كان مما لست أذكره.

ثم بلغ المترجم عيث آيت يمور وتمردهم واشتغالهم بالسلب والنهب، فحشد إليهم جيوش العبيد والودايا ونزل بساحتهم من غير تأهب لهم ولا استعداد للمقاومة، فأخذهم أخذاً وبيلا، وقتل أبا يعقوب الحنصالى شر قتلة، إذ وجده نازلاً بين أظهرهم، قال في نشر المثانى: ولما قتله منع النَّاس من دفنه حتَّى تمزقت أشلاؤه وتفرقت أعضاؤه، فعل ذلك به لئلا يتوهم ضعفة العقول من أصحابه أنَّه لم يمت لأنَّه كان يخالط علم الحدثان.

وفى العام نفسه قتل مائتين من لصوص حجاوة على قطع الطَّريق على المارة ببلادهم، ولما قتلهم خرج أهل مكناس والطالبون للفرجة في المقتولين بباب البطيوى، فاتفق خروج المترجم في تلك الساعة على ذلك الباب، فلما رأى القوم

<<  <  ج: ص:  >  >>