للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصدهم ظاناً أنهم المأمور بقتلهم ففروا خوفاً منه ودخلوا كهفاً عليه, مقربة من المحل يختفون فيه، فقصدهم حتَّى وقف على باب الكهف وأمر من كان معه بغلق باب الكهف عليهم بالأحجار فأغلقوه غلقاً متقنًا، ومات جميع من به ولم يوقف لهم بعد على خبر، ولم يعرف عددهم، وفى العام أيضاً أمر عبيد مشرع الرمل بالتهيؤ للحركة لجبال فازاز.

وفيه ولى أبا عبد الله محمد وعلى الزمورى عمالة فاس وأمره باستصفاء أموالهم وأن لا يترك لهم قيراطاً، إذ كان البعض نقلوا إليه أن المال أطغاهم وأنهم يحاولون الخروج عن طاعته وشق العصا عليه، فتوجه الزمورى المذكور إلى فاس ونزل بدار أبي على الروسى من حومة المعادى وصار ينقب على ذوى اليسار ووظف عليهم أولاً غرامة قدرها خمسمائة ألف مثقال وبالغ في التشديد في اقتضاء ذلك منهم، وعمَّر بهم السجون، ومن تغيب يلقى القبض على أقاربه.

ولما استوفى العدد المذكور ممن ذكر صرف وجهته لأهل الحرف والملاكين والبطالين، وقام بسبب ذلك هرج ومرج، وفر النَّاس لشواهق الجبال والقرى والأمصار الشاسعة، وامتدت ولايته عليهم ثلاثة عشر شهراً، وكان كلما قبض شيئاً وجهه للمكلف بالداخل للعاصمة المكناسية.

وقد ساق العلامة المؤرخ ابن إبراهيم الدكالى هذه الحادثة ببعض مخالفة وزيادات ونص ماله في تقاييده: وفى هذا الوقت قدم عبد الرَّزاق بن على ويشى، وقبض جميع تجار أهل فاس وسجنهم ودخل ديارهم وحوانيتهم، وشرع في قبض المال منهم، ثم دفعوا مائة وعشرين قنطاراً، وكان من جملة سرق قبض في المال الحاج محمد الأندلسيّ الرحوى، أخرجوه من حرم سيدى أحمد الشاوى، وأدخلوه السجن وضربوه حتَّى مات، وطوفوه على النعش وهم يقولون هذا جزاء من لم يعط مال السلطان، وكان ذلك في صفر وجاء العفو يوم الجمعة السادس عشر منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>