للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباب، والمدافع والمجانيق تمطرهم بوابل كورها وأحجارها المدمرة، واستمر القتال عليهم بالليل والنهار حتَّى سئموا وكلوا وملوا وضاق بهم المتسع، ويئسوا من النصرة، وبارت حيلهم، وارتفعت الأسعار، وأنتنت المدينة من كثرة الأوساخ وعدم الماء، ولم يسعهم إلَّا الجنوح إلى المسلم، فسعوا في الصلح فاشترط المترجم عليهم تسليم المعاقل والقصبات، فكبّر عليهم ذلك واستأنفوا القتال وأظهروا التجلد.

وفى الرابع والخامس من ذى القعدة التقى الجمعان ووقعت بينهما معركتان خفيفتان بباب الجيسة، وفى الثَّاني منه وقعت معركة ثالثة بباب الفتوح، وفى الثالث عشر وقعت معركة كذلك، وفى الخامس عشر منة ركب السلطان في ملأ من جيشه فلقيه أهل فاس تائبين وفى عفوه راغبين ولأمانه آملين.

فأجابهم لما طلبوا بالشّرط المذكور، فلم يقبلوا، وفى الواحد والعشرين وقعت معركة عظيمة بباب الجيسة من الصبح إلى الزوال ومات من أهل فاس نحو الثلاثين، منهم: مولاى عبد القادر بن عبد الرحمن الدباغ، وعبد الخالق بن خالد، وعبد الله بن علال.

وفى الثَّاني والعشرين وقعت مقتلة بباب الفتوح مات فيها من أهل فاس ثلاثة أنفار.

وفى خامس ذى الحجة نزلت قنبلة بالعطارين وأهلكت بوجيدة بن عيشون.

وفى عيد النحر نزلت قنبلة أخرى على قبة الضريح الإدريسى أصابت أناسا، هلك منهم رجل وجرح باقيهم، وكان ممن جرح العلامة أبو العباس أحمد بن الخياط بن إبراهيم الدكالى، وعطلت صلاة الجمعة.

ومن الغد وقعت معركة بباب الجيسة مات فيها من أهل فاس نحو العشرين، فتوسط أهل فاس للسلطان ببعض الوجهاء الذين اعتقدوا أن شفاعته لا ترد لديه، فأبى إلَّا إذا سلموا البساتين والقصبات، فامتنعوا وتمادوا على القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>