للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا والذى حدانا لشرح نقض ذلك الانتقاد، زيادة المنتقد قوله لا يصدر عن مؤرخ المعنونة بأن الغلو المنتقد به غير مقبول، لخروجه عن مناهج المعقول، أما لو طوى بساط تلك الزيادة المفسدة واقتصر على مجرد التنبيه على الغلو لقبلناه، وحملناه على الفرد المقبول عند سماسرة الفن ولم يعبأوا بمن خالفهم فأباه، وقلنا حينئذ بمجالات المديح التي لا غنى للمؤرخ عنها هى معدن ذلك ومأواه.

(تنبيه) علم مما سبق اهتمام المولى إسماعيل وغيره ممن تقدمه من ملوك المغرب بتشييد المساجد العظيمة والمدارس البهية والمشاهد العلية وتجديدهم لما وهى من ذلك تجديدًا أرفع مما كان، لكن مع التجافى في الجملة عن الإسراف وعدم التجاور عن حدود الإمكان.

وعليه فما وقع في رحلة الزيانى بعد بيان فخامة مسجد السلطان حسن بمصر من قوله: فرحم الله أفاضل الملوك الذين درجوا، والذين من خلفهم على مناهجهم نهجوا، لقد خلدوا من المآثر الدينية ما أوجب خلود الثناء عليهم ووصول الدعاء ممن بعدهم إليهم، ولم يزل أهل المشرق إلى الآن لهم فضل اعتناء ببناء المساجد والخانات، ويبالغون في تعظيمها ويتنافسون في ذلك ويبادرون إلى إصلاح ما وهى منها.

وأما مغربنا فلا تكاد ترى في مدنه مسجدًا عظيمًا قد أحدث بل مهدوما قد جدد، أو واهيًا قد أصلح، بل إن سقط شيء من أكبر مساجدهم فأحسن أحوالهم فيه إن كان مبنيا برخام أن يعاد بجص وآجر، وإن كان مجصصا أن يعاد بطين، بحيث تجد المسجد كأنه مرقعة فقير من كل لون رقعة، وما أرى سبب ما لمغربنا من الوهن إلا أمثال هذا من عدم تعظيم الله ولو في الأمور الظاهرة، فضلا عن الباطنة، ولم يعتن بإقامة معالم الدين إلا أمير المؤمنين سيدنا محمد بن عبد الله فقد شيد بمدنه مساجد ومدارس ورباطات، واقتفى آثاره في ذلك سلطاننا مولانا سليمان في تشييد معالم الدين بكل مدينة. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>