للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنائه، وأكثر من قصوره لأن من بنى من هذه الدول إنما يعتنى بتشييد قصر وتنميقه، والمولى إسماعيل لم يقتصر على قصر ولا على عشرة ولا على عشرين، بل جعل مبانى الدول كلها في بطن قلعته بمكناسة كما يقال: كل الصيد في جوف الفرا. اهـ.

وقد تابع الزيانى على مقاله هذا من نسج على منواله كصاحبى "الجيش العرمرم" و"الاستقصاء" وعليه جرى الوزير ابن إدريس كما رأيته.

وأما تعقب بعض فضلاء العصر وهو الشيخ محمد فريد وجدى ما في الاستقصاء بقوله نقول في هذا الكلام غلو عظيم لا يصحّ أن يصدر من مؤرخ على أنه يَدُلُّ في الجملة على ما كان لهذا السطان من المبانى العظيمة. اهـ. فغير سديد لأن الغلو مدفوع بما بينه الزيانى من اقتصار كل دولة على تشييد بناء عظيم خاص، والولى إسماعيل شيد في بناءاته الضخمة الهائلة ما يوارى بناء كل دولة، وجمع ذلك في قلعته فصارت قلعته جامعة لا يماثل ما شيدته الدول كلها، وهذا شيء انفرد به دونهم فاستحق بذلك تفضيل جملة مشيداته على ما شيده كل فرد منهم، إذ لم يتفق لفرد من تلك الدول من كثير المبانى الضخمة الممثلة لسائر مبانى من عداه من الدول ما اتفق للمولى إسماعيل، فأين الغلو في ذلك حينئذ! وأين ادعاء أن ذلك لا يصدر من مؤرخ! كيف وقد صدر عن مؤرخين كما رأيت وأولهم الزيانى، ما أعلن بذلك حتى أخبر بمشاهدته لمبانى الفريقين فريق الدولة الإسماعيلية وفريق من عداها من الدول المتقدمة عليها في أقطار المعمور، وجناب الشيخ الفاضل المعترض ليس معه إلا تحكيم الاستبعاد، الخالى عما يدعمه من وجوه الاستناد، وذلك هو منشأ الفساد، على أنه سيوافيك في ترجمة المولى إسماعيل من مشيداته في الأقطار المغربية الخارجة عن مكناسة ما يزيح عنك كل تشكيك وشبهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>