من الأوقاف المختصة به وما يشترك فيه اثنان، ثم بنى الحوانيت والفندق والحمام والسقايات، وأجرى الماء في سائر النواحى والجهات، وبنى قبة سيدى راشد المتقدم ذكره، وبنى حول ذلك بناءات ثم أدار البناء على الجميع ليطمئن الزائر والساكن ولا يخشى العاهات، وبنى قنطرة الوادى وقنطرة أخرى بناحية قصر فرعون وسهل الطرقات، وأمر ببناء الدور في المواضع المرتفعات، وذلك كله على يد خادمه الباشا ابن الأشقر، وبعض كتابه ومن له الأمر.
وعند ذلك رغب الناس في سكنى زَرْهُون، وصار منازل الأشراف وأهل الفضل والدين، وان كان قديما هو مأوى الصالحين، ومحل إجابة السائلين وملجأ الراغبين، لكن كان غير مقصود للسكنى، وبوجود مولانا إسماعيل صار يغبط السكنى فيه الناس، وتقصده القبائل والرؤساء من سائر القبائل والأجناس.
وحين تم بناؤه على الوجه الذى أراده السلطان، وزاره ورأى ذلك بالعيان، ورأى عمارته واغتباط الناس في البنيان، سجد لله شكرا، وحمد الله على عادته سرا وجهرا. اهـ.
وإنما تعرضنا هنا لذكر هذا الضريح الأعظم في جملة تأسيسات مولانا الجد مولانا إسماعيل بعاصمته المكناسة لأن متبوعنا الإمام ابن غازى تعرض لذكر صاحبه ولذكر عاصمة ملكه التي كانت حاضرة البلاد مدينة وليلى ولكون المحل من جملة الأحواز المكناسية، وهذا هو ملحظ ما نأتى به بعد إن شاء الله مما يتعلق بزرهون وأهله.
وأما باقى بناءاته في غير مكناسة فقد أتينا على جملة صالحة منها في كتابنا المنزع اللطيف مفصلة وما أشرنا إليه من التأسيسات المتقدمة من هذا الإمام في العاصمة المكناسية، فإنما هو قُلٌّ من كُثْر، إذ لا نسبة لما انهد منها واندثر أثره مع ما بقى منها مما مر بك.