للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما استمد من ريحانتي الجنة أصله، ذا العزم الأمضى، والسعي الأَرْضَى، الملك المنصور أبا المآثر الحسان والمفاخر السلطان المجاهد في سبيل ربه وابتغاء مرضاته، مولانا إسماعيل بلغه الله من رضاه أقصى مسئوله، وأعانه على جهاد عدو الله وعدو رسوله، ابن مولانا الشريف بن مولانا على جدد الله عليهما ملابس الرحمة. وجزاهما أفضل ما جزى الصالحين من ملوك هذه الأمة، لما ولاه الله أمر عباده، وبسط يده في أرضه وبلاده، ونصره على أعدائه، وأيده في أرضه بملائكة سمائه، واستقر ملكه الشامخ البناء بمدينة العز مكناسة الغراء، دار ملك الجهاد، وكرسى دار الإمارة المظفرة العساكر والأجناد، عصمها الله ووقاها، وحفظ بها كلمة الإِسلام وأبقاها، فلما استقر بها ملكه الأشرف وانعقدت بالنصر العزيز راية الفتوحات على قناة العدل الذي عليه مدار الأمور، وعشا إلى نور سراجه الوهاج الخاصة والجمهور، ضاقت المدينة المولوية بجيشه المنصور، أمر أيد الله أمره، وأبد فخره، وأدام تأييده ونصره، ببناء المدينة الجديدة العنبرية المختصة بأمره السلطاني، المؤيد بالتأييد الرباني، لا زال نافذا بعون الله ميسر المآرب، ومطاعا له في جميع أقطار المغارب، فبنيت صانها الله من طوارق الحدثان وحاطها من سوء ما يجري به الملوان، وأسس بها مسجدا للخطبة عتيق، وبنى عن أمره العالي البناء الحسن الوثيق، وصل الله عوائد صنعه الجميل لديها، وعمره بدوام الذكر والعبادة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ولما كمل بناؤه وأعانه من له القوة والعون سبحانه على ذلك حمد الله تعالى، وأثنى عليه الذي وفقه وأعانه عليه، ورجا كمل الله رجاءه أن يدخل تحت عموم حديث الصادق المصدوق، صلوات الله عليه وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بنى لله مسجدًا بنى الله له قصرًا في الجنة"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بنى لله مسجدًا يبتغي به وجه الله العظيم بنى الله له مثله في الجنة" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بنى لله مسجدا بنى

<<  <  ج: ص:  >  >>