أبو القاسم الزياني: وجعل بها هريا لخزن الزرع مقبو القنانيط يسع زرع أهل المغرب كله اهـ.
وقد كان جعل لسطحه طريقا تستوي مع الأرض في بعض الجهات يقال إنها كانت مصعدا للجمال الحاملة للقمح فتذهب بأحمالها فوق السطح حتى يوضع حول الكوة المفتوحة فيه لصب القمح لذلك الهري منها فيستغني بذلك عن فتح باب الهري اللاصق بالأرض إلا عند حصول موجبه، ولو لم يكن من آثار عظم ثروة ملكه قدس الله روحه إلا هذا الهري وما أعد له وما ذكر من صفات الخزن فيه لكفى، فكيف وسائر تصرفاته الهائلة إنما هي بعض آثار ثروته البعيدة عن الوصف.
والهري الآخر بإزاء سابقه متصل به لا زال سنين السقف حتى اليوم رغما عما نبت عليه من الأشجار حتى صار كأنه غابة من عدم المباشر ومن يهتم بتعاهد إصلاحه، بهذا الهري عدة آبار في غاية العمق ذات مياه عذبة طافية وجعل لكل بئر دولابا عظيما ينقل منه الماء ويصبه في المجاري المعدة له إلى أن يصب بالصهريج صهريج السواني المذكور، يبلغ طول هذا الهري سبعا وسبعين مترا وكسرا، وهو الذي قال فيه أبو القاسم الزياني: وجعل بجواره يعني جوار الهري المتقدم الذكر سوانى (١) للماء في غاية العمق مقبو عليها، وفي أعلاها سقالة مستديرة لوضع المدافع والمهاريز ترمي لكل ناحية، اهـ.
قلت: وقد تهدمت تلك السقالة ولم يبق لها في الوقت الحاضر أثر، وجعل بمقربة من هذين الهريين صهريجا كالبحيرة يجتمع فيه الماء الجاري في تلك المجاري تسقى من فيضه رياض وبساتين ينيف طول هذا الصهريج على ثلاثمائة متر، وعرضه على مائة وأربعين، ولم يكن مقصده المحمود في حفر تلك الآبار واختراع
(١) السَّانِيَةُ: استقت أو أخرجت الماءَ من البئر ونحوها. والسّانيةُ الأرضَ: سَقَتْهَا.