قال أبو القاسم الزياتي: وكان في سجونه من أسارى الكفار خمسة وعشرون ألف أسير ونيف، وكانوا يخدمون في قصوره منهم: الرخامون، والنقاشون، الحجارون، والحدادون، والبناءون، والنجارون، والزواقون، والمهندسون، والمنجمون، والأطباء ولم تسمح نفسه بفداء أسير بمال قط -أي وإنما كان يفدي ببعضهم من أسر من المسلمين- وكان في سجونه من أهل الجرائم العظيمة كالسارق والقاطع والقاتل نحو الثلاثين ألفا كلها تقيل بالخدمة مع أسارى الكفار ويبيتون بالسجون والدهاليز تحت الأرض.
قال: وأمر الشيخ الحسن اليوسي مع المعتصم ابنه عام حجمها وهو عام واحد ومائة وألف بأن يبعث النصارى أسرى العرائش لحضرته فبعثوهم وكانوا ألفا وثمانمائة فكان يخدمهم في بناء قصوره -أي الخارجة عن قصور الدار الكبرى لانتهائها قبل التاريخ المذكور كما تقدم- من جملة غيرهم من الأسارى والمساجين ومن الليل يبيتون بالدهليز، انتهى.
قلت: استعمال المساجين بالخدمة نهارا وجعلهم بالسجن ليلا هو السنن الذي تفعله الدولة الحامية مع المساجين من الأهالي وكأنها أخذت ذلك من فعل المولى إسماعيل ولا يعرف اليوم الباب الذي كان يدخل منه لهذا السرداب والدخول إليه في الوقت الحاضر، إنما يقع من ثقب في سطحه حذو الجدار المحيط ببراح قبة الخياطين المذكورة من الجهة الغربية.
ومنها الصرح الشاهق المبني فوق ساباط الباب المعروف الآن بباب الرايس ذو الأقواس العشرة، خمسة عن يمين المار فيه، ومثلها عن شماله المحمولة على الأعمدة الحجرية العظيمة التي لا زالت موجودة قائمة لهذا العهد، أربعة عن اليمين ومثلها عن الشمال.