للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أزمنتهم المضروب بهياكلها المدهشة الأمثال بين عظماء الدول سلفا وخلفا الخالدة الذكر في بطون تواريخ الأمم السالفة.

فمن تلك القصور التي ما زالت ولا تزال صفحات التاريخ المغربى موشاة بذكر جمالها وكمالها قصر المحنشة والمدرسة اللذان بهما اليوم القصور السلطانية. وفيهما سكنى حرم العائلة الملوكية الكريمة في العصر الحاضر وقبله بكثير.

ومنها داره الكبرى ذات القصور العديدة والمصانع المنيعة المريعة، والحصون المدهشة الحصينة، والأوضاع العجيبة المتناسقة، والأسوار الضخمة الشامخة الرائقة في أعين عشاق الآثار المتجولين من سواح أقطار المعمور، المستعذبة في أذواق أولى الألباب الرحّالين المعتنين المتأملين، تفيد ذوى الأبصار عبرة وذكرى تقصر النعوت دون وصفها، وتنحت البيوت في جوفها.

قال أبو عبد الله أكنسوس في "جيشه العَرَمْرَم (١) ": لو شاهد المنصور الذهبي سورًا واحدًا من أسوار السلطان مولانا إسماعيل لعلم أن ما أفنى فيه عمره من ذلك المنزل المسمى بالبديع، إنما هو في التمثيل كدار إبليس التي تباع في عاشوراء يلعب بها البنات. ولا تحتاج المشاهدة إلى إقامة البينات، انتهى.

تبلغ سعة جل جدرانها مترا ونصفا، ويبلغ ارتفاع سمك غالبها خمسة عشر مترا.

فمن القصور المربعة في هذه الدار، الجامعة أصناف المحاسن والفخار، (قصر الستينية) الفسيح الفائق ذو المنظر البهج الذي تجسم فيه الانشراح، ورفرفت على طالعه الميمون أعلام الأفراح، وجر ذيول العجب على الزوراء، وازدرى بالزاهرة والزهراء، وأخجل قباب الشام، والخورنق والأهرام، ينيف طوله على مائة متر وعرضه على خمسين، كان له أيام شبابه مباح فسيح محيط بجوانبه الأربعة


(١) العرمرم: الجيش الكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>