الاسم لا يعطى لها الآن ولا يعرفها به أحد، وهي اليوم على حالة يرثى لها عششت بها الأوساخ والأزبال والقذرات وباضت وفرخت، إذ كانت مدت لها فيما سلف اليد العادية كسابقتها القورجية فصيرتها إصطبلا لربط الدواب آونة ومربضا للبقر أخرى من غير رادع ولا زاجر. ولا استحياء من الملك القاهر، مبيد الأكاسرة وكل جبار عنيد.
وأما المدرسة الجديدة فهي المعروفة اليوم بالبوعنانية نسبة لأبي عنان، ولا أعرف وجهًا لهذه النسبة والحال أنها إنما أنشأها والده أبو الحسن وهي مراد ابن غازى هنا لوجوه:
أحدها: قوله ومن أجل ذلك ... إلخ فإنه مشعر بفخامة بنائها وعلو شأنَّه، وهذه الصفة لا توجد على الكمال في غيرها من مدارس مكناس، لا سيما مع ما سبق عنه من أن بانى مدرسة القاضى هو أبو يوسف، فلم يبق الاحتمال حينئذ إلا في مدرسة الخضارين، وهذا الاحتمال يدفعه كونها على غير الصفة المنوه بها.
ثانيها: تصريحه بأنه بناها على يد قاضيه ابن أبي الغمر وقد وافق ذلك التنصيص عليه في سادس أبيات القطعة الشعرية المنحوتة في جبص محرابها كما يأتى.
ثالثها: أن التاريخ المعين لبنائها في البيت السابع من القطعة الآتية الذي كان ملكا فيه هو أبو الحسن المذكور فهو الأمر بتأسيسها والحاضر عند كمالها وتمام تخطيطها والعيان في ذلك كله يغنى عن البيان، فإنه يوجد إلى الحين الحالي منقوشا على يمين وشمال محراب قبتها ما صورته.