فإذا لم يبلغ سندها إلى فتوى الأقدمين فسندها باطل، وكل فتوى بلغت إلى الأئمة الأقدمين فالعمل بها واجب، ويحكم بها القاضى والمفتى والقضاة.
والمفتون اليوم والعياذ بالله قد مزجوا فتاوى المرضيين بالفتاوى الواهية غير المرضية ويحكم القاضي بتلك الفتوى الواهية، ويمشى المحكوم عليه مغلوبا إلى المفتى فيفتى له أيضًا بفتوى واهية ويغلبه على صاحبه، واشتغلوا بتغليب هذا على هذا بالفتاوى الواهية، فالقاضى وأصحابه يأكلون المال من الخصمين الذين تشارعا بالباطل، والمفتى كذلك يأكل بفتاويه الواهية أموال المسلمين بغير حق حتى يطول الشرع بين الخصمين المتحاكمين بفتواه المذكورة حتى إذا كان الخصمان المذكوران يتحاكمان على مائة مثقال تذهب منها خمسون مثقالا في دار القاضى، ثم بعد ذلك يحكم عليهما القاضي بالفتاوى الصحيحة، فينصرف كل واحد منهما إلى سبيله ويا ليته قد حكم عليهما أولا بالفتاوى الصحيحة، فيحصل له الأجر ورزقه على الله، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، والدراهم التي أكل من الخصمين حلاوتها تفنى ويبقى مريرها فكيف به يوم القيامة إذا جاء مفلسا، فإن الخصمين المذكورين يأخذان حسناته ويلقيان عليه سيئاتهما فذلك المفلس الذى أخذت حسناته وألقيت عليه سيئات غيره".
ثم اتبعه بما يقوله:
"الحمد لله وحده مسألة أخرى: أعلم أن الأيتام المهملين الذين لا وصى عليهم من أب ولا مقدم من قاض إذا اشتدت بهم الحاجة إلى بيع ملك لعدم وجود ما يباع عندهم غيره ليصرف عليهم في مأكلهم وملبسهم، فإن القاضى يأمر ببيع ذلك الملك ويتسوق به المدة المعتبرة شرعا إلى أن يقف سومه، فإذا وقف فينظر القاضى في ذلك السوم، فإن شهد له أهل المعرفة بالإملاك بأن ذلك سومه فليبعه لمن وقف عليه ويصرف ثمنه في مصالح الأيتام المذكورين، وإن شهد أهل المعرفة