دفع لصاحب الحق من مال المعاملة شيئا من غير حضور القاضى والمتسببين المذكورين وأنكر صاحب الحق ذلك، فلا يقبل القاضى شهادة العدلين، والمال باق بذمة الغريم، ولا يحكم بتلك الشهادة إلا إذا أتى الغريم بشهادة القاضى والمتسببين الذين حضروا للمعاملة أنه برئت ذمته من المال المذكور أو بعضه، وكذلك إن أراد الغريم المذكور أن يدفع ربع المال أو نصفه أو ثلثه، فإن كان المال له بال من ألف مثقال فأكثر، فلا تبرأ ذمة الغريم المذكور من المال المذكور أو بعضه بشهادة العدلين إلا إذا دفع المال بمعاينة القاضى.
وإن كان المال شيئا قليلا من مائة مثقال فأقل وأراد الغريم المذكور أن يدفع منه شيئا لصاحب المال فليدفعه له بالعدول الثقات، فلا يحتاج إلى معاينة القاضى إلا في المال الكثير كما ذكرنا، وأما المال القليل من مائة مثقال فأقل فقد سبق حكمه وبيانه، وأنه يدفع بمعاينة العدول الثقات من غير حضور للقاضى.
والحاصل من أن هذا الزور اليوم فشا والعياذ بالله فكل من أتى بشاهدين على مال أو على طلاق فإن شهادتهما مردودة وإن قبلها القاضى، فتلك جرحة فيه، لأنهما اثنان وهو ثالثهما، فقد شهدا بالزور وهو ثبته لهما فهو أعظم ذنبا منهما، وكل من هو قاض يتفطن لهذا الأمر، فإن وقع في شئ مما نهى عنه وأصابته عقوبة فلا يلوم إلا نفسه".
ثم أتبعه بقوله:
"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله: كان القضاة والمفتون المتقدمون يأخذون الفتاوى في كتب الأقدمين المقبولين، واليوم والعياذ بالله يأخذون الفتاوى من كتب المتأخرين كالأجهوريين وغيرهم الذين هم ليسوا المقبولين، ولم يبلغ سندهم إلى الأئمة الأقدمين، فلا عمل عليها ولا حكم بها، ولا يفتى بها مفت، ولا يعمل بها قاض.