ظهرت محلة بلقاسم ومعه المختار والعبيد باتوا في الحرب طول ليلتهم، ولما بلغوا أمرنى أن نتوجه لهم وننزل العبيد بجوار السلطان وبلقاسم ينزل مع إخوانه زمور وبنى حكم، وأعرض عنه السلطان وعن الكلام معه، وأمره أن يوجه إخوانه لبلادهم، ووجه القبائل كلها، وفرق ذلك الجمع وارتحل لتادلا.
وأما الذين نزلوا تاسماكت مع محمد وعزيز بيتهم آيت أمالوا وشتتوا جمعهم ونهبوا محلتهم وقتلوا منهم عددا كثيرًا، ورجعوا مناسة مغلولين.
ولما بتنا بالزرهونية ورد علينا أصحاب قدور بن الخضر بكتاب يقول فيه: إن البرابر اجتمعوا علينا من كل ناحية، فإن لم يتداركنا سيدنا هلكنا، فأمرني بالتوجه إليهم والاحتيال في خلاصهم بكل ممكن، ووجه معى مائة من الخيل فرجعت للزاوية فوجدت القبائل محيطة بهم، فاجتمعت بآيت يسرى ووعدتهم من السلطان بالعطاء الجزيل لتجور المحلة في بلادهم فأنعموا بذلك، وحملت المحلة مع الفجر وتركنا بلاد آيت ومالو وقطعنا الوادى لبلاد آيت يسرى، وتوجه معنا نحو المائة من أعيانهم إلى أن أخرجونا لتادلا لوادى تاقبالت ورجعوا عنا، وتقدمت للسلطان فأخبرته بقدوم المحلة وبلوغها لتاقبالت فسره ذلك ودعا لي بخير، وقال: لابد أن ترجع لها الساعة وأعطانى مالا أفرقه عليهم وكتب لهم المنازل لمكناسة، وبها ينتظرهم السلطان فرجعت لهم في الحسين.
ولما كان صباح غد يوم وصولى إليهم فرقت عليهم المال وتوجهوا ورجعت، ثم أصابت السلطان حمى فمرض بتادلا، وكان الطبيب الأديب السيد أحمد آدراق يعالجه ولا يدخل عليه غيره وغير صاحب طعامه الحاج عبد الله، وغيرى في أمور مكاتب الدولة إلى أن عافاه الله فأعطى الطبيب ألف دينار في يوم واحد رحمه الله.
قال: ثم توجه السلطان لمكناسة وببلوغه قبض على بلقاسم الزمورى ونكبه واستصفى أمواله، وعزله عن زمور، وبنى حكم، وولى عليهم محمد وعزيز