للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الغد افترقت العساكر فتوجه كل لناحيته المعينة له ونحن توجهنا مع السلطان لآدخسان، ولما قطعنا وادى أم الربيع وجه السلطان جدوانا للغارة أمامه ونحن على أثرهم إلى أن بلغوا قصبة آدخسان، فلم يجدوا أحدًا ووقفوا إلى أن وصلهم السلطان فقال لهم:

أين هؤلاء القوم؟ فقالوا ما رأينا أحدًا ولا وجدنا أثرًا، وهذه قصبة آدخسان، فأمر بنزول العساكر وبقى متحيرا، فقال: نادوا فلانا يعنينى، فتوجهت له قبل أن ينزل عن فرسه فقال لى: أتعرف هذه البلاد؟ قلت: نعم أعرفها، فقال: وأين أهلها، قلت: في جبلهم، قال: أو ليس هذا جبلهم آدخسان؟ قلت: لا، هذه قصبة المخزن والجبل هو من تلك الثنايا السود أمام وأريته الثنايا، فقال: وأين الزاوية التي توجهت لها العساكر مع قدور ابن الخضر ومسرور؟ قلت: هى عن يمين تلك الثنايا في البسيط، قال: وأين تاسماكت التي توجهت لها أمم البربر مع محمد وعزيز؟ قلت: بيننا وبينها مرحلتان من وراء تلك الثنايا، قال: ومن أين يأتي بلقاسم؟ فأريته الثنية التي يأتى منها، وقلت: لا يصلنا إلا غدا إن سلم، فقال: وما علمنا؟ فقلت: ضرب في حديد بارد الذى في الزاوية لا ينفع والذى بتاسماكت لا ينفع، وآيت ومالو متحصنون في الجبال، وبلقاسم رجل مشئوم عافى الله مولانا من شؤمه.

فظهر لمولانا نصره الله خلاف ما سمع من بلقاسم وتحقق بفساد رأيه، وعلم أنه أخطأ فيما ارتكبه من الغرر بالمسلمين، وبينت له السبب الذى نفر به آيت ومالو من بلقاسم حتى عرفه، فقال لى: اكتب لزيان يأتون فإنى سامحتهم، فكتبت ووجهت لهم بعض الأشراف من آدخسان مع اثنين من أصحاب السلطان، وساروا إليهم ليلا، ومن الغد أصبح علينا أربعة منهم بهديتهم فدخلت بهم السلطان ففرح بهم وقبل هديتهم، وقال لهم: إنى سامحتكم على وجه كاتبى فلان، ووجههم بالبشارة لإخوانهم وباتت تلك الليلة العساكر كلها بلا علف ولا تبن، ومن الغد

<<  <  ج: ص:  >  >>